الجمعة, 24 أكتوبر 2025 01:48 PM

الأمم المتحدة تحذر: تدهور الأوضاع الميدانية يزيد الاحتياجات الإنسانية في سوريا

الأمم المتحدة تحذر: تدهور الأوضاع الميدانية يزيد الاحتياجات الإنسانية في سوريا

أفاد مدير قطاع الشؤون الإنسانية في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، راميش راجاسينغهام، أمام مجلس الأمن بأن الأزمة السورية تشهد تطورات ميدانية مستمرة تؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية. وأشار إلى وقوع اشتباكات في أجزاء من محافظة حلب مطلع الشهر الحالي، والتي خلفت ضحايا مدنيين وتسببت في نزوح عائلات.

راجاسينغهام، الذي تحدث نيابة عن منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، يوم الخميس 23 من تشرين الأول، أوضح أن الوضع الأمني الهش في السويداء أدى إلى نقص في المواد الأساسية كالوقود والخبز، وارتفاع الأسعار، وتعطّل الخدمات الحيوية كالصحة والمياه.

كما لفت إلى أن الذخائر غير المنفجرة لا تزال تشكل خطرًا قاتلًا، حيث سُجلت الأسبوع الماضي 16 حادثة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 آخرين، بينهم ستة أطفال. ومنذ كانون الأول 2024، قُتل أكثر من 550 شخصًا وجُرح أكثر من 800 آخرين بسبب هذه الحوادث، ثلثهم من الأطفال.

وأضاف أن موجة الجفاف التاريخية تسببت في حرائق بمحافظات اللاذقية وطرطوس وحمص الشهر الماضي، مما أثر على أكثر من خمسة آلاف شخص وأدى إلى نزوح عشرات العائلات وتضرر الأراضي الزراعية.

وأشار إلى أن نحو سبعة ملايين شخص ما زالوا نازحين داخل سوريا، بينهم 1.3 مليون يعيشون في مخيمات أو أماكن مشابهة، في حين يبقى 2.4 مليون طفل خارج المدارس، ومليون آخرون مهددون بتركها، إذ إن ثلث المدارس غير قابلة للاستخدام إما لتضررها أو لاستخدامها كملاجئ.

وأكد أن سوريا ما زالت تواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 70% من السكان إلى المساعدة، في وقت تتراجع فيه مستويات التمويل إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.

رغم هذه التحديات، ذكر راجاسينغهام أن الأمم المتحدة وشركاءها تمكنوا من إيصال المساعدات إلى 3.4 مليون شخص شهريًا منذ بداية العام، بزيادة قدرها 25% عن العام الماضي، مستفيدين من تحسن الوصول الإنساني. وفي السويداء والمناطق المجاورة، نُظّمت عشرات القوافل الإنسانية بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، لتقديم البطانيات والفرش والمستلزمات الطبية والتعليمية والغذائية لنحو 424 ألف شخص شهريًا منذ تموز الماضي. كما واصل برنامج الأغذية العالمي (WFP) توزيع مئات الأطنان من الطحين على المخابز في السويداء ودرعا وريف دمشق، ودعم برنامج الخبز المدعوم لنحو مليوني شخص شهريًا.

وفي المناطق المتضررة من الحرائق، قادت الأمم المتحدة عمليات تقييم متعددة الوكالات لتأمين الغذاء والمياه والوقود والخدمات الصحية للمتضررين، بالتعاون مع الهلال الأحمر ووزارة الطوارئ السورية. كما أطلقت منظمة “يونيسف” حملة “العودة إلى التعلم” بالشراكة مع وزارة التربية لإعادة تأهيل المدارس ودعم الأطفال المهددين بالتسرب.

وفيما يخص التمويل، أشار راجاسينغهام إلى أن صندوقي “سوريا الإنساني” وصندوق “الاستجابة عبر الحدود”، اللذين يداران من قبل مكتب الأمم المتحدة، قد خصصا نحو 84 مليون دولار هذا العام لدعم مشاريع حيوية تشمل خدمات المياه والصرف الصحي في مخيم “الهول”، وإزالة الألغام في ريف حلب، وتوفير الطاقة الشمسية لمشاريع المياه، حيث تذهب 63% من التمويل لشركاء محليين. وشكر راجاسينغهام الدول الداعمة للصندوقين، وعلى رأسها هولندا وكندا والمملكة المتحدة، وأوضح أن المساعدات القادمة من تركيا ما زالت مستمرة بموافقة السلطات السورية، إذ دخل عبر هذا المسار أكثر من 300 شاحنة شهريًا. كما لفت إلى أن برنامج الأغذية العالمي بدأ بتقييم الأمن الغذائي بالتعاون مع هيئة التخطيط والإحصاء السورية، لتحديد أولويات الدعم في المرحلة المقبلة.

وأكد راجاسينغهام أن تحسين الوضع الإنساني في سوريا يتطلب تحقيق ثلاثة شروط أساسية: خفض التصعيد ومنع تجدد العنف، وزيادة التمويل للاستجابة الإنسانية، والاستثمار في مشاريع التعافي وإعادة الإعمار.

وأوضح أن خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا ممولة بنسبة 19% فقط، ما أدى إلى توقف خدمات نقل المياه للنازحين في الرقة واحتمال تعليقها في الحسكة الشهر المقبل، فيما حذر برنامج الأغذية العالمي من اضطراره لتقليص المساعدات بحلول كانون الثاني المقبل في حال عدم توفر التمويل. وأشار إلى أن أكثر من 340 مركزًا صحيًا أوقف خدماته، مما قلص إمكانية الوصول إلى العلاج والدواء لأكثر من سبعة ملايين شخص، إضافة إلى إغلاق 45 مركزًا لخدمات دعم الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

واختتم بالإشارة إلى أن أكثر من مليون لاجئ عادوا إلى سوريا منذ كانون الأول 2024، إلى جانب 1.9 مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم، لكنهم بحاجة إلى استثمارات حقيقية في الخدمات الأساسية والمأوى لضمان استدامة هذه العودة، مشددًا على أن الطريق نحو التعافي السوري ممكن، لكنه يتطلب “إرادة دولية حقيقية واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية خلال المرحلة الانتقالية”.

تحذير من تفاقم معاناة النازحين

حذر فريق “منسقو استجابة سوريا” من تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيمات شمال غربي سوريا مع اقتراب فصل الشتاء، وسط عجز كبير لدى العائلات عن تأمين مواد التدفئة وتراجع الدعم الإنساني. وقال الفريق في بيان نشره عبر صفحته في “فيسبوك”، الخميس 23 من تشرين الأول، إن أكثر من 1.5 مليون مدني ما زالوا يعيشون في المخيمات، أي ما يعادل 75.18% من العدد الكلي السابق، رغم حركة العودة إلى المدن والقرى، بسبب الدمار الواسع في المناطق السكنية وعجز النازحين عن ترميم منازلهم.

وأشار البيان إلى أن أكثر من 95% من العائلات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة للشتاء المقبل، في حين أن 83% من النازحين العام الماضي لم يحصلوا على أي إمدادات تدفئة، خاصة داخل المخيمات. وأدى انخفاض درجات الحرارة في الشتاء الماضي إلى انتشار واسع للأمراض بين النازحين، إضافة إلى حرائق ناجمة عن استخدام مواد تدفئة غير صالحة.

وخلال الموسم ذاته، تسببت العواصف المطرية والثلوج في تضرر 357 مخيمًا، ما أدى إلى تأثر أكثر من 115 ألف مدني، بحسب الفريق. وذكر البيان أن 71% من النازحين يخططون لتقليص احتياجاتهم الأساسية، ولا سيما الغذاء، في محاولة لتوفير التدفئة هذا العام، في ظل انقطاعات واسعة في الدعم الإنساني. كما لفت إلى أن أسعار مواد التدفئة ارتفعت مقارنة بالعام الماضي، بينما لا يتجاوز دخل 88% من العائلات 50 دولارًا شهريًا، ما يجعل تأمين الوقود أو الحطب أمرًا شبه مستحيل.

ودعا الفريق المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة إلى الإسراع في إطلاق مشاريع الشتاء والعمل على سد فجوات التمويل الكبيرة لتوفير الدعم اللازم لأكثر من 1.5 مليون مدني يواجهون ظروفًا قاسية داخل المخيمات في شمال غربي سوريا.

مشاركة المقال: