السبت, 25 أكتوبر 2025 06:04 PM

تعيين "أبو عبد الرحمن الزربة" رئيساً للرقابة المالية يثير انتقادات: هل تغلب الولاء على الكفاءة؟

تعيين "أبو عبد الرحمن الزربة" رئيساً للرقابة المالية يثير انتقادات: هل تغلب الولاء على الكفاءة؟

أثار تعيين "محمد عمر قديد"، المعروف سابقاً باسم "أبو عبد الرحمن الزربة"، رئيساً للجهاز المركزي للرقابة المالية في سوريا جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على توليه المنصب. وتأتي هذه الانتقادات في ظل اتهامات بأن التعيينات تتم على أساس الولاء بدلاً من الكفاءة.

سناك سوري _ دمشق

بينما تداول البعض اسم "مصطفى قديد"، فإن الاسم الصحيح للرئيس الحالي للجهاز هو "محمد عمر قديد"، والذي كان يُعرف بـ "أبو عبد الرحمن الزربة" خلال فترة قيادته في "هيئة تحرير الشام".

"أبو عبد الرحمن الزربة": الذراع الاقتصادي في إدلب

اسم "قديد" ليس جديداً على المتابعين للشأن السوري، حيث ارتبط اسمه بالنشاط الاقتصادي لـ "هيئة تحرير الشام" في "إدلب". ففي عام 2020، ذكرت شبكة إخبارية أن "قديد" أسس "المؤسسة العامة لإدارة النقد في الشمال المحرر" التابعة للهيئة، والتي تهدف إلى تنظيم إدارة الصرافة وتداول العملات. كما لعب دوراً في إدارة شركة "وتد للبترول" التي احتكرت تجارة المحروقات في "إدلب" لسنوات.

وذكر موقع إخباري في عام 2023 أن شركات تابعة لـ "هيئة تحرير الشام" تسيطر على المعابر، واستيراد المواد الغذائية والمحروقات والسيارات، وقطاعات العقارات واللحوم والدواجن. وأشار الموقع إلى أن "أبو عبد الرحمن الزربة" هو المسؤول المباشر عن هذه الشركات، نقلاً عن مصدر من "الهيئة".

يُذكر أن "قديد" كان العقل المدبر للاستراتيجية الاقتصادية للهيئة في "إدلب"، حيث أنشأ "مؤسسة الوسيط" لتحويل الأموال وتصريف العملات، والتي تحولت لاحقاً إلى "بنك الشام". كما أدار العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى.

قديد في دمشق: اللجنة السرية للاقتصاد

عاد اسم "قديد" أو "أبو عبد الرحمن الزربة" للظهور بعد سقوط النظام السابق، في تحقيق حول لجنة سرية مهمتها "إعادة هيكلة الاقتصاد السوري" برئاسة اللبناني "إبراهيم سكرية"، المعروف بـ "أبو مريم الأسترالي"، وإشراف "حازم الشرع" شقيق الرئيس السوري.

وذكرت الوكالة، نقلاً عن عضو في اللجنة ومسؤولين في الهيئة، أن اللجنة أسست فرعاً لجمع الأموال بقيادة "أبو مريم"، وفرعاً آخر لإدارة هذه الأموال بقيادة "أبو عبد الرحمن الزربة". وأفاد موظفان سابقان بأن "قديد" أقام مكتبه في الطابق الثاني من مصرف سوريا المركزي في اليوم التالي لتحرير دمشق.

وتشير معلومات إلى أن "قديد"، المنحدر من "دركوش" بريف "إدلب"، كان يعمل فرّاناً قبل أن يصبح قيادياً عسكرياً في الهيئة، ثم تولى الملف الاقتصادي.

وذكرت الوكالة أن "قديد" يتمتع بصلاحيات واسعة تصل إلى حد رفض قرارات حاكم المصرف المركزي، وهو ما نفاه الحاكم. ومع ذلك، أشارت مصادر الوكالة إلى أن القرارات الكبرى تحتاج إلى موافقة "قديد"، الذي وُصف بأنه دمث الأخلاق ولكنه يفضل مركزية السلطة.

انتقادات لتعيين قديد في الرقابة المالية

على الرغم من أن أول قرار وقعه "قديد" بصفته رئيساً للجهاز المركزي للرقابة المالية يعود إلى شهر حزيران الماضي، إلا أن الجدل حول تعيينه تصاعد خلال الساعات الماضية. وانتقد ناشطون تعيينه في منصب تقني اقتصادي دون امتلاكه الشهادات العلمية اللازمة.

وكتب باحث اقتصادي أن تعيين "قديد" رئيساً للرقابة المالية يهدف إلى تحويل النقد والرقابة إلى سلاح بيد السلطة السياسية، محذراً من وجود "قديد" في المصرف المركزي دون صفة رسمية.

واعتبر أن "قديد" لم يدخل المصرف المركزي من باب الإصلاح، بل من بوابة الولاء، محذراً من أن هذه الخطوة تشكل إنذاراً خطيراً بتفاقم تسييس القطاع المالي.

من جهته، رأى الرئيس السابق للمجلس المحلي لمدينة حلب أن تعيين "قديد" ليس مجرد خطوة إدارية، بل تطور خطير يمس جوهر السياسة النقدية واستقلال المؤسسات الاقتصادية في البلاد.

وأضاف أن هذه الخطوة تشير إلى اتجاه مقلق نحو تسييس الرقابة المالية وتحويل أدوات السياسة النقدية إلى وسائل ضبط سياسي، مما يقوض استقلال المصرف المركزي ويعمق فقدان الثقة بالعملة الوطنية.

وختم بأن الرقابة المالية تدار بالخبرة والكفاءة والنزاهة، وليس بالعقيدة والولاء، وأن أي تهاون في ذلك يمس بما تبقى من ثقة واقتصاد وسيادة.

يشار إلى أن هذه الحالة ليست الأولى من نوعها، حيث سبق أن أثير جدل مماثل حول تعيين "شادي الويسي" وزيراً للعدل رغم أنه خريج كلية الشريعة، ثم تعيين "مظهر الويس" خلفاً له وهو خريج كلية الطب البشري.

مشاركة المقال: