السبت, 25 أكتوبر 2025 09:32 PM

زيارة الرئيس الشرع للرياض: هل تفتح صفحة جديدة للاستثمار وإعادة الإعمار في سوريا؟

زيارة الرئيس الشرع للرياض: هل تفتح صفحة جديدة للاستثمار وإعادة الإعمار في سوريا؟

أكد المهندس باسل كويفي، الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية، في تصريح لـ"الوطن"، أن مشاركة سوريا على أعلى مستوى، ممثلة بالرئيس أحمد الشرع، في مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) بالرياض، تمثل منعطفاً هاماً يتجاوز مجرد الحضور الشكلي في مؤتمر دولي. واعتبر كويفي هذه المشاركة خطوة عملية نحو كسر العزلة وإعادة دمج سوريا سياسياً واقتصادياً على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأشار كويفي إلى أن حضور الرئيس أحمد الشرع في السعودية، التي تعتبر الشريك الاقتصادي والإقليمي الأبرز لسوريا، يمثل إشارة قوية إلى تحول سوريا من مرحلة "تلقي المساعدات" إلى مرحلة "الشراكة الاستثمارية" وجذب رؤوس الأموال لتمويل مشاريع إنتاجية تهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتحفيز النمو المستدام.

وأوضح كويفي أن سوريا تطرح نفسها اليوم كسوق واعدة لم تستغل إمكاناتها بعد، خاصة في مجالات إعادة الإعمار والبنى التحتية، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والتحول الرقمي، والزراعة، والخدمات اللوجستية.

وتوقع كويفي أن تسفر المشاركة في المدى القصير عن توقيع مذكرات تفاهم في قطاعات مختلفة، تتبعها خطوات متوسطة الأجل بتشكيل لجان سورية – سعودية وخليجية لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وتسهيل الاستثمار، ودراسة المعوقات والعمل على حلها. أما النتائج طويلة الأجل، فتتمثل في جذب استثمارات كبيرة في مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية مثل المطارات والموانئ وشبكات الطاقة، وقد تكون مصدراً للطاقة النظيفة ومشاريع الهيدروجين الأخضر في المستقبل، والتي تمثل أساس أي عملية إعمار حقيقية.

ويرى كويفي أن مشاركة سوريا في هذا الحدث تؤكد أن عملية الإعمار انتقلت من مرحلة التخطيط النظري إلى مرحلة التفاوض والتمويل العملي، معتبراً أن الواقع يبدأ بتوقيع العقود وحفر الأساسات وضخ الأموال. وأشار إلى أن العقوبات الأمريكية والغربية تشكل العقبة الأكبر، وتمنع معظم الشركات الغربية الراغبة في الاستثمار، مما يجعل التركيز الآن على رأس المال العربي والإقليمي والآسيوي الذي لا يخضع لهذه العقوبات أو يتعامل معها بحذر أقل.

وأكد كويفي أن تحول سوريا من متلق للمساعدات إلى شريك في التقدم هو ضرورة إقليمية ودولية للحفاظ على الاستقرار والسلام المستدام، مشيراً إلى أن سوريا بحاجة ماسة إلى هذا التحول لأسباب متعددة، أهمها استدامة التنمية، حيث أن المساعدات مؤقتة وترتبط بالمانحين، بينما الاستثمار يبحث عن الاستمرارية والربح، مما يخلق نمواً اقتصادياً مستداماً ودورات إنتاجية.

كما أكد كويفي على أهمية خلق فرص العمل من خلال الاستثمارات، خاصة في القطاعات الإنتاجية، وتوقف هجرة الكفاءات، وإعادة بناء الطبقة الوسطى، والحد من الفوارق الطبقية، وتعزيز نقل المعرفة والتكنولوجيا، والاستفادة من الموقع والموارد، لتكون سوريا جسراً للطاقة ومحوراً لوجستياً وسوقاً استهلاكياً.

وختم كويفي بالتأكيد على أن زيارة الرئيس الشرع إلى الرياض للمشاركة في FII هي خطوة تاريخية وجريئة نحو فتح باب الإعمار الحقيقي، وأن النجاح مرهون بقدرة الجانب السوري على تقديم ضمانات حقيقية للمستثمرين، وقدرة الجانب السعودي والإقليمي على خلق "ممرات استثمارية آمنة" تتجاوز أو تتعامل مع العقوبات الدولية.

وأشار كويفي إلى أن هذه المشاركة تمثل بداية عملية للإعمار إذا جرى استثمارها بالشكل الصحيح، محذراً من أنها قد تبقى مجرد صورة في مؤتمر وفرصة أخرى ضائعة إذا فشلت.

مشاركة المقال: