تشهد السياسة الأمريكية تحولاً استراتيجياً تجاه سوريا، حيث كشف موقع "المونيتور" عن ضغوط من البيت الأبيض على الكونغرس لإلغاء العقوبات المفروضة بموجب "قانون قيصر". تعتبر هذه الخطوة الأجرأ منذ بداية الحرب السورية.
يأتي هذا التحرك بالتزامن مع تغييرات سياسية داخلية في سوريا، بعد مرور عام تقريباً على تولي حكومة أحمد الشرع السلطة. ترى واشنطن في ذلك "فرصة لإعادة صياغة العلاقات مع دمشق على أسس جديدة".
أفاد مسؤولون كبار في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والخزانة أعضاء الكونغرس بأن الإدارة تسعى إلى "الإلغاء الكامل والنهائي لقانون قيصر"، معتبرين استمراره "يضر بالمصالح الأمريكية ويقوّض جهود إعادة الإعمار والاستقرار".
قاد المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، اتصالات مكثفة مع المشرعين الجمهوريين لحشد الدعم لإلغاء القانون، واصفاً "قيصر" بأنه "نظام عقوبات خدم غرضه الأخلاقي في وقت ما، لكنه اليوم يخنق أمة تسعى للنهوض من الركام". وأكد أن رفع العقوبات سيتيح إطلاق "إحدى أهم جهود إعادة الإعمار منذ أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية".
رغم ضغوط البيت الأبيض، لا يزال الانقسام قائماً في الكونغرس. فقد شهدت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب تصويتاً مثيراً للجدل على مشروع قانون قدمه النائب الجمهوري مايك لولر، يشترط إحراز تقدم في مكافحة تهريب المخدرات وحماية الأقليات مقابل رفع العقوبات. وقد حظي بدعم من شخصيات من الحزبين، مثل السيناتور جين شاهين والنائب جو ويلسون.
تفيد مصادر في واشنطن بأن جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل تدفع باتجاه الإبقاء على العقوبات، بينما يرى مراقبون أن الإبقاء عليها لم يعد يخدم الأهداف الأمريكية. وقد أجرى مسؤولون إسرائيليون كبار، بينهم رون ديرمر، اتصالات مباشرة مع مشرعين أمريكيين للتأثير في مسار القرار.
تقدر تقديرات البنك الدولي كلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 216 مليار دولار. وقد دفعت الأزمة الاقتصادية حكومة دمشق الجديدة إلى تكثيف اتصالاتها الدولية للمطالبة برفع العقوبات.
يقول زيد علوش، مسؤول المناصرة في المجلس السوري الأمريكي، إن الضغط الذي يمارسه البيت الأبيض يعكس تحولاً استراتيجياً في الرؤية الأمريكية. ويرى المحلل السياسي حسام نجار أن الرئيس ترمب يمارس ضغوطاً متزايدة لرفع العقوبات في إطار خطة منسقة لربط ملف العقوبات بموازنة وزارة الدفاع.
في الداخل السوري، تتزايد الآمال بإنهاء العقوبات التي أنهكت الاقتصاد والمجتمع. ويرى خبراء اقتصاديون أن رفع العقوبات سيسمح بإعادة دمج سوريا في الاقتصاد الإقليمي.
ومع ذلك، لا تزال العقبات السياسية قائمة، خصوصاً أن مسار الإلغاء يحتاج إلى موافقة الكونغرس بشقّيه.