يعاني أهالي وادي النصارى في ريف حمص من ظروف معيشية قاسية نتيجة لتوالي الأزمات وتراكم آثارها الاقتصادية والاجتماعية. تتراوح هذه المشكلات بين الحرائق التي أتت على مساحات زراعية واسعة، وأزمة مياه متفاقمة، وغياب واضح للتعويضات الحكومية التي طال انتظارها.
خسائر زراعية وتعويضات غائبة
أوضح موسى الموسى، أحد سكان المنطقة، لمنصة “سوريا 24”، أن الحريق الذي اندلع مؤخرًا في قرية حب نمرة تسبب في أضرار جسيمة للأراضي الزراعية، وأدى إلى خسارة المحاصيل التي يعتمد عليها معظم الأهالي كمصدر دخل رئيسي. وأضاف أن العديد من العائلات كانت تعتمد على عائدات الموسم لتغطية نفقات تعليم أبنائها ومصروفهم اليومي، لكن الحريق دمر كل شيء. وأشار الموسى إلى أن الجهات الرسمية وعدت الأهالي بتعويضات مالية عن الأضرار، لكن هذه الوعود لم تتحقق حتى الآن، مع انتشار شائعات محلية حول احتمال إلغاء التعويضات بشكل كامل، مما زاد من قلق واستياء المتضررين.
شح مياه وارتفاع التكاليف
من جهة أخرى، تحدث باسل سعد، وهو من سكان القرية نفسها، لمنصة “سوريا 24”، عن أزمة مياه حادة يعيشها الأهالي منذ أشهر. وذكر سعد أن انقطاع المياه عن المنازل أجبر السكان على شراء المياه من الصهاريج الخاصة، حيث تصل تكلفة 10 براميل إلى حوالي 200 ألف ليرة سورية، مما يضيف عبئًا ماليًا كبيرًا على الأسر التي فقدت مواردها الزراعية. وأوضح سعد أن الأزمة لا تقتصر على انقطاع المياه فحسب، بل تشمل أيضًا غياب أي خطة واضحة لتحسين الشبكة أو دعم الأهالي للحصول على المياه بأسعار معقولة.
تفاوت الدعم الحكومي وغياب العدالة المعيشية
يرى الموسى أن الفجوة الاقتصادية تتسع بين العاملين في القطاع العام وأولئك الذين يعتمدون على الأعمال الخاصة أو الموسمية. وقال: “الحكومة ترفع رواتب الموظفين الحكوميين، وهذا أمر جيد، لكن هذه الزيادات تنعكس فورًا في ارتفاع الأسعار في الأسواق، مما يضر بالفئات غير الموظفة التي تشكل غالبية المجتمع في وادي النصارى”. وأضاف أن ضعف فرص العمل الخاص وارتفاع تكاليف المعيشة جعلا العديد من العائلات تعتمد على التحويلات الخارجية أو المساعدات، بينما يجد الشباب صعوبة في إيجاد فرص عمل لائقة داخل المنطقة.
هجرة الشباب وتحديات اجتماعية
وفي هذا السياق، يؤكد باسل سعد أن معظم الشباب في الوادي يفكرون في الهجرة، سواء داخل البلاد أو خارجها، بحثًا عن الاستقرار وفرص أفضل للحياة. وأشار إلى أن غياب الدعم وفرص العمل يزيد من الضغوط النفسية والاجتماعية على الشباب، مما يدفعهم إلى التفكير في الرحيل بدلًا من البقاء في ظروف لا أمل فيها. كما تحدثت المصادر نفسها عن ظهور ما وصفوه بظاهرة “الملثمين”، وهم أشخاص مجهولو الهوية يتجولون في القرى، دون أن يعرف الأهالي من أين أتوا أو ما هي أهدافهم، مما يثير مخاوف أمنية تتطلب تدخلًا سريعًا من الجهات المختصة.
دعوات لتعزيز قدرات الدفاع المدني
واقترح الأهالي، بحسب الموسى، توظيف أبناء المنطقة في مراكز الدفاع المدني، نظرًا لمعرفتهم الجيدة بطبيعة التضاريس، مما يساهم في الاستجابة السريعة للحرائق والحد من انتشارها. كما طالبوا بإنشاء نقاط للدفاع المدني في كل بلدة وقرية داخل الوادي كإجراء وقائي دائم.
مجتمع مسالم ينتظر الإنصاف
يؤكد كل من موسى الموسى وباسل سعد أن أهالي وادي النصارى “مجتمع مسالم يعيش بروح التعاون والمحبة”، إلا أنهم يطالبون الدولة بالتعامل المنصف معهم، وتقديم الدعم اللازم لتجاوز الأزمات المتلاحقة التي تهدد الاستقرار المعيشي والاجتماعي في المنطقة.