الأحد, 26 أكتوبر 2025 04:16 PM

نظرة نقدية على الإعلام العربي: بين التضليل والسطحية

نظرة نقدية على الإعلام العربي: بين التضليل والسطحية

قضى علي عبود الأشهر الماضية في متابعة البرامج الإخبارية والسياسية على شاشات التلفزة العربية، تلك التي تستهدف استغباء المشاهدين وتضليلهم. لم تكن المفاجأة كبيرة، لكن حجم الغباء الذي يظهر على معظم المذيعين والمذيعات وإصرارهم على ترويج الأكاذيب كان صادمًا. حتى أقوى مساحيق الغسيل لا يمكنها تنظيف هذه الأكاذيب.

من حق المذيع أن يتبنى سياسات القناة التي يعمل بها مقابل الأجر، ولكن ليس من حقه استغفال المشاهدين بالأكاذيب. الإعلامي المحترف يسوّق سياسات جهة عمله بمهنية، لا بحركات بهلوانية أو بتسخيف آراء الضيوف المعارضين. غالبًا، لا يختار المذيع الأسئلة بنفسه، بل يضعها المعد أو تُملى عليه عبر سماعات الأذن. هنا تكمن المشكلة، فالمعد الذي يفترض به أن يكون مهنيًا لا يقل سطحية أو غباءً عن المذيع، إذ يفترض سلفًا أن المشاهدين إما ساذجون أو مؤيدون للقناة.

يكفي متابعة المقالات النقدية لهذه البرامج في الصحف المحترمة لكشف حجم الأكاذيب والتضليل الذي تفضحه الحقائق والمعلومات. تبلغ الأكاذيب ذروتها في مقدمات البرامج ونشرات الأخبار، التي تحولت إلى شهادات ولاء لمالكي القنوات، وكأن المذيع والمعد يسألون: ألا نستحق أجورنا العالية؟ بعد متابعة حلقات قليلة، يكتشف المشاهد الضحالة والغباء في المعلومات والتحليلات السطحية، ويتساءل: ماذا تقدم التلفزة العربية سوى التفاهة؟

يسخرون من القنوات الناطقة باسم حزب أو نظام سياسي، بينما قنواتهم ممولة أو مملوكة لأنظمة عربية أو أجنبية. نتحدى من يجد وسيلة إعلامية حرة في العالم! باستثناء قلة من المقدمين والمحللين المتمرسين، فإن الغالبية الساحقة من المذيعين والمذيعات وصلوا إلى الشاشات بالواسطة أو بالعلاقات العامة. البعض تجرأ على ذكر اسم من أتاح له فرصة العمل في جريدة أو إذاعة أو محطة تلفزيونية!

حتى الأسماء اللامعة تظهر تفاهتها عندما يستضيفهم زميل لهم في برنامج خاص، فالغرور أعمى بصائرهم وجعلهم يصدقون أنهم عباقرة. ليس من قبيل الصدفة أن البرامج السياسية والثقافية المميزة هي من إعداد وتقديم صحفيين أتوا من عالم الصحافة، ويعتمدون على مهنيتهم لا على السماعات أو البهلوانيات!

من آخر إبداعات القنوات التي تسوق التفاهات والأكاذيب، استحداث وظائف مثل "خبير" و"محلل" و"باحث" و"استراتيجي"، وهي تراهن على أن المشاهد سيصدق أنهم عملوا في مراكز عالمية! المثير أن من لم يكتب حرفًا واحدًا تستعين به هذه القنوات كمحلل أو خبير استراتيجي، والأكثر إثارة أن هذا الشخص يقبل المنصب مراهنًا على أن لا أحد سيفضحه!

كاد علي عبود ينفجر من الضحك عندما قالت مذيعة في محطة عربية لأحد هؤلاء الخبراء المشهور بالسطحية: شكرًا لتحليلك العميق!! الخلاصة: أمام هذا الكم من الترويج للتفاهة والأكاذيب، يتذكر علي عبود أستاذه في كلية الإعلام باسم الجسر الذي كان يلقي مادة "أخلاقيات الإعلام". لكنه لا يتذكر اسم الأستاذ الذي خاطب طلاب كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية في أول محاضرة: الصحافة تحولت إلى مهنة من لا مهنة له!! نعم، تحول الإعلام اليوم في مختلف دول العالم إلى مصنع للأكاذيب، والاستثناءات نادرة جدًا! (أخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: