الأحد, 26 أكتوبر 2025 06:20 PM

دمشق تستعد للشتاء وسط مخاوف من تدهور إمدادات الكهرباء

دمشق تستعد للشتاء وسط مخاوف من تدهور إمدادات الكهرباء

عنب بلدي – كريستينا الشماس

شهد سكان دمشق وريفها تحسنًا نسبيًا في إمدادات الكهرباء مع بداية شهر تشرين الأول الحالي، مقارنة بالسنوات الماضية. في بعض مناطق العاصمة، وصلت ساعات الوصل إلى ما بين 10 و12 ساعة يوميًا، بينما تراوحت في ريف دمشق بين 4 و8 ساعات.

هذا التحسن، الذي وصفه مواطنون بأنه "الأفضل منذ أعوام"، جاء بعد فترات طويلة من الانقطاعات المتكررة التي وصلت سابقًا إلى ست ساعات قطع مقابل ساعة وصل واحدة. ومع ذلك، يترقب السكان بقلق تأثير فصل الشتاء على إمدادات الكهرباء، حيث يزداد الطلب بشكل كبير بسبب اعتماد معظم الأسر على الكهرباء للتدفئة، في ظل غياب خطة واضحة من وزارة الكهرباء تحدد آلية التقنين أو جدولة التغذية خلال الأشهر المقبلة.

مخاوف من عودة الانقطاعات الطويلة

أكد سامر هريرة، من سكان منطقة باب شرقي بدمشق، أن واقع الكهرباء تحسن خلال الشهر الحالي بشكل ملحوظ، حيث ارتفع عدد ساعات الوصل إلى نحو ثلاث ساعات متواصلة مقابل ثلاث ساعات قطع. وأرجع سامر هذا التحسن إلى انخفاض الضغط على الشبكة نتيجة اعتدال الطقس وتراجع استخدام المكيفات والمراوح، معربًا عن أمله في استمرار هذا التحسن خلال فصل الشتاء.

وفي منطقة الصناعة وسط دمشق، أوضحت رنا المصري أن الكهرباء تأتي لفترات غير منتظمة، وغالبًا ما تكون لساعتين أو ساعة ونصف وصل مقابل أربع ساعات قطع، معربة عن خشيتها من عودة التقنين القاسي مع انخفاض درجات الحرارة.

أما في منطقة صحنايا بريف دمشق، فأشار غسان محفوض إلى أن الكهرباء تصل في بعض الأحيان لساعة واحدة فقط، وأحيانًا ساعة ونصف، مقابل خمس ساعات من الانقطاع، معبرًا عن قلقه من شتاء قاسٍ في ظل هذه التغذية "الضعيفة".

أوفر من البدائل للتدفئة

أكد المواطنون أن الكهرباء، رغم ضعفها وانقطاعها المتكرر، تبقى الخيار المفضل للتدفئة في فصل الشتاء، نظرًا لارتفاع أسعار البدائل وصعوبة الحصول عليها. فبحسب رصد عنب بلدي، بلغ سعر عشرة ليترات من المازوت نحو 111 ألف ليرة سورية، أي أن شراء 50 ليترًا يحتاج إلى نحو 550 ألف ليرة، وهي كمية لا تكفي لشهر واحد في برد الشتاء.

كما أن الطاقة الشمسية لا تُعد خيارًا فعالًا للتدفئة، نظرًا لانخفاض الإشعاع الشمسي خلال فصل الشتاء، ولأن منظوماتها مصممة أساسًا لتشغيل الإنارة أو الأجهزة الخفيفة. ويعد الاشتراك بـ"الأمبيرات" خيارًا متاحًا فقط لمن يملكون قدرة مالية مرتفعة، إذ تتراوح تكلفة الاشتراك الأسبوعي بين 200 و400 ألف ليرة في الأسبوع الواحد، في حال استخدم لتشغيل وسائل التدفئة الكهربائية.

وأشار غسان محفوض إلى أنه اضطر العام الماضي للاعتماد على "الأمبيرات" لتشغيل المدفأة والسخان، إلا أن التكلفة الأسبوعية تجاوزت 500 ألف ليرة حينها، وهو مبلغ لا يمكن تحمله على المدى الطويل، معربًا عن أمله في استقرار الكهرباء خلال الشتاء المقبل.

ألواح للطاقة الشمسية على أسطح أحد الأبنية السكنية في منطقة المزة فيلات شرقية بدمشق
ألواح للطاقة الشمسية على أسطح أحد الأبنية السكنية في منطقة المزة فيلات شرقية بدمشق – 13 آذار 2025 (عنب بلدي/كريستينا الشماس)

مخاوف "مبررة"

اعتبر المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، أن مخاوف المواطنين من واقع الكهرباء خلال فصل الشتاء "مبررة" إلى حد كبير، نظرًا لعدة عوامل فنية وتشغيلية متراكمة. وأوضح أن الطلب الكبير على الطاقة خلال فصل الشتاء يعود بالدرجة الأولى إلى الاعتماد الواسع على الكهرباء لأغراض التدفئة، نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى كالمازوت والحطب.

وأضاف أن هذا الارتفاع في الطلب يتزامن مع تهالك البنية التحتية للمنظومة الكهربائية، نتيجة ضعف أعمال الصيانة والتأهيل خلال السنوات الماضية، ما يجعل الشبكة عُرضة للأعطال والانقطاعات المتكررة، خاصة خلال فترات الذروة. وأشار إلى أن الحلول المؤقتة التي تم اعتمادها في مراحل سابقة، أسهمت في استمرار الخدمة، لكنها زادت من الضغط على الشبكة العامة.

خطة لمواجهة التحديات

أكد خالد أبو دي أن المؤسسة تعمل حاليًا على خطة شاملة للحد من هذه التحديات، تتضمن:

  • تأمين كميات إضافية من الوقود (غاز وفيول) لزيادة القدرة التوليدية وتلبية الطلب المتنامي.
  • توسيع شبكة النقل والتوزيع، من خلال إحداث مراكز تحويل جديدة وتحديث القائم منها.
  • تحسين توزيع الأحمال فنيًا، لتحقيق توازن واستقرار أكبر في التغذية الكهربائية.

كما أشار أبو دي إلى أن المؤسسة تدرس حاليًا تعديل التعرفة الكهربائية بهدف تحقيق توازن أكبر بين تكلفة الإنتاج وسلوك الاستهلاك، بما يسهم في ترشيد الاستخدام والحد من الاعتماد المفرط على الكهرباء في التدفئة المنزلية.

خطة "خمسية"

فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية، أوضح أبو دي أن المؤسسة تعمل وفق خطة خمسية، تهدف إلى رفع القدرة الإنتاجية إلى نحو 12–15 ألف ميجاواط، بالتوازي مع إعادة تأهيل شبكة النقل وإنشاء خطوط جديدة لتصريف الاستطاعة المنتجة.

المؤسسة تعمل على بناء منظومة كهربائية متكاملة وموثوقة بحلول عام 2030، قادرة على تلبية الطلب المحلي بشكل مستقر ومستدام، بما يواكب خطط التعافي الاقتصادي والتنمية الوطنية.

خالد أبو دي

المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء

وأضاف أن مشروع التحول إلى العدادات الذكية والمسبقة الدفع قيد التنفيذ حاليًا، بما يسهم في رفع كفاءة الجباية ومراقبة الاستهلاك بدقة. وأكد المدير العام أن الخطط المستقبلية لا تقتصر على الغاز والفيول فحسب، بل تشمل أيضًا الطاقات المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، مبينًا وجود عروض تقنية لتوليد الكهرباء من مياه البحر، عبر الاستفادة من الرواسب المعدنية فيها.

مشاركة المقال: