بقلم: د. جورج جبور
غمرتني السعادة عندما قرأت اسم الأستاذ الدكتور مازن المبارك كفائز بجائزة الملك فيصل للغة العربية. لقد استمعت إليه مرات عديدة في مجمع اللغة العربية، وأسعدني تبادل الحديث معه في رحاب المجمع. وفي إحدى المرات، كان حديثنا عن شقيقه المؤرخ الأستاذ هاني المبارك رحمه الله.
وبينما أخط هذه الكلمات، أتذكر أننا في أواخر تشرين الأول وأن موعد العاشر من كانون الأول قريب.. فالعاشر من الشهر الثاني عشر هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
لا يرد في الذهن ذلك التاريخ، منذ عام 1993، إلا مقترناً بـ "حلف الفضول". ففي ذات يوم عالمي لحقوق الإنسان، تحدث من منصة مركز المزة الثقافي باقتراح مني ودعوة من إدارة المركز سفير تونس لدى سورية والمستشار الثقافي لسفارة اليمن في دمشق، ثم سوريون ثلاثة هم الأستاذ هاني المبارك، رحمه الله، والدكتور محمود السيد عافاه الله، وصاحب هذه الكلمات غفر الله له.
ولا أذكر تلك المناسبة عرضاً. فقبل مدة قصيرة أرسلت إلى رئيس اتحاد الكتاب العرب، الأستاذ الدكتور أحمد جاسم الحسين ما يلي:
صباح الخير د. أحمد، أرجو أن تكون بخير. 10 كانون الأول من كل عام هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وهو يوم أربعاء هذا العام 25. هل توافقون على محاضرة لي عنوانها: "حلف الفضول: أول هيئة في التاريخ لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان"؟
عبد الرحمن عزام باشا اعتنى بالحلف كما يقال، وأشار إليه أو كتب عنه. إلا أن أول كتاب يحمل عنوان "حلف الفضول" كان ذلك الذي جمع كتاباتي وبعض كتابات غيري عنه وصدر في دمشق عام 1998 بمناسبة الذكرى الخمسين للإعلان العالمي. وقد أصدرته الجمعية العراقية لحقوق الإنسان، وكان مقرها دمشق. لم تكن في سورية جمعية حقوق إنسان.
رفض حافظ الأسد ورفض بشار الأسد أية إشارة إلى الحلف. وأشار إليه فاروق الشرع شرطاً مني عليه لقبول دعوته لي لمرافقته إلى دربان.
صباح الخميس 23 تشرين الأول 2025.
إذن، ها قد سنحت، بمناسبة جائزة الملك فيصل، فرصة لاستئناف المطالبة، سنحت بإعلان المطالبة. وفي عنوان كلمتي هذا الصباح يرد اسم البعلبكي، فمن أين أتت صلتي به؟
هي زمالة يونسكية دامت أياماً عام 2016 واستمرت مدة بسيطة ثم ذوت. زينتها حادثة فريدة لا تُنسى.
كنا معاً ضيوفاً على اليونسكو بمناسبة احتفالية يوم اللغة العربية العالمي. هي فعالية باسم اليونسكو أما المنظم فهو صاحب ثاني كتاب في العالم، على حد ما أعلم، وعلمي بحدود، يحمل في عنوانه تعبيراً لعله أطلق أول ما أطلق، يوم 15 آذار 2006 في جامعة حلب: "يوم اللغة العربية". اسم المؤلف: زياد الدريس. تاريخ النشر 2020 على ما في الذاكرة.
في الذاكرة أن د. البعلبكي وأنا كنا الوحيدين بين المدعوين من بلاد الشام. ما هي الحادثة التي لا تُنسى!
مؤلف يمزق كتاباً منشوراً له. على طاولة عرض كان ثمة كتب مجانية يملكها من يتناولها. أخذت واحداً منها. كان كتاباً وافر عدد الصفحات للبعلبكي. شاهده معي د. رمزي. طلبه مني. ثم أخذ يمزقه أمامي، معتذراً مني شارحاً لي: نبهته. نبهت الناشر ألا يعرضه. به أخطاء..
ثم سألني عن مكان تلك الطاولة، واعداً لي بأنه سيرسل إلي في دمشق نسخة من الطبعة المصححة. وقد فعل.
هو، رمزي البعلبكي، من حدثني عن مشروع المعجم التاريخي الذي تموله قطر والذي شارك في العمل به د. مازن. وقد أشرت إلى ذلك في كتابي "يوم اللغة العربية" دمشق.2014.
هل يصح إنهاء الحديث عن رمزي دون الإشارة إلى أبيه وإلى أخيه؟ فأما أبوه فهو منير البعلبكي صاحب القاموس الشهير العربي الإنجليزي، ومؤسس دار العلم للملايين. أما أخوه فهو روحي البعلبكي، مسؤول الدار. وله عندي منزلة. إنه من نشر على هيئة كراس أنيق محاضرة لي عن الميثاق العربي لحقوق الإنسان. هي محاضرة ألقيتها مرات في سورية ولبنان..
نشرت مرتين. الثانية كما ذكرت أعلاه أما الأولى فقد نشرت بعد حذوفات في مجلة المعرفة السورية.
بدأت والنية كتابة كلمة تهنئة. فإذا بهدوء الصباح المبكر يجعل كلمة التهنئة مقالاً عن عائلتي علم يفتخر بهما.
——- جورج جبور دمشق. صباح الاربعاء 29 تشرين الأول 2025.
(أخبار سوريا الوطن-1)