الخميس, 30 أكتوبر 2025 01:35 AM

الشرع من الرياض: سوريا دعامة أساسية للاستقرار الإقليمي وفرص استثمارية واعدة

الشرع من الرياض: سوريا دعامة أساسية للاستقرار الإقليمي وفرص استثمارية واعدة

أكد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أن سوريا تمثل "ركيزة أساسية في استقرار المنطقة الإقليمية"، معتبرًا أن استئناف العلاقات مع الرياض يشكل "خطوة استراتيجية" نحو إعادة دمج دمشق في محيطها العربي والدولي.

وخلال كلمته في "مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض" يوم الأربعاء 29 من تشرين الأول، أوضح الشرع أن العالم اختبر تداعيات فشل سوريا على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، وما نتج عنه من أزمات وهجرة وتفشي للمخدرات، مشيرًا إلى أن نجاح دمشق سيمثل مكسبًا استراتيجيًا للمنطقة والعالم، نظرًا لموقعها الجغرافي ودورها التاريخي كمعبر تجاري بين الشرق والغرب.

وفي سياق حديثه عن المناخ الاستثماري، كشف الرئيس الشرع أن الاستثمارات المتدفقة إلى سوريا خلال الأشهر الستة الأولى تجاوزت 28 مليار دولار، معتبرًا أن "كل نكبة تعرضت لها سوريا في الماضي هي فرصة استثمارية لإعادة البناء".

وشدد الشرع على أن تحسين البيئة الاستثمارية يتطلب تشريعات جديدة وجاذبة، موضحًا أن تعديلات قانون الاستثمار الجديد الذي طرحته وزارة المالية السورية تصب في مصلحة المستثمرين المحليين والأجانب، حيث تتيح لهم تحويل الأرباح والجزء الأكبر من رأس المال إلى الخارج.

وأضاف أن فرص الاستثمار الواعدة تقلل المخاطر وتسريع العائد المتوقع، موضحًا أن المشاريع التي قد تستغرق عادة سبع سنوات لتحقيق العائد، يمكن أن تحقق الربح في ثلاث إلى أربع سنوات في السوق السوري الحالي بسبب "تعطش السوق".

وأشار الشرع إلى أن السياسة في سوريا تعتمد حاليًا على حماية المنتج المحلي "نوعًا ما"، من خلال رفع الرسوم على البضائع المماثلة، وفي بعض الأحيان "منع البضائع المماثلة"، خاصة المواد الزراعية. وأضاف أن سوريا غير قادرة حاليًا على فتح السوق بالكامل بسبب ضعف إنتاجها، مما قد يؤدي إلى غرقها في المواد المستوردة على حساب الإنتاج المحلي.

وأوضح أن قانون الاستثمار الجديد عُرض على كبرى الشركات العالمية مثل "ماكنزي"، واطلعت عليه وزارة الاستثمار السعودية وخبراء اقتصاديون دوليون، واصفًا إياه بأنه "من بين أفضل عشرة قوانين في العالم"، معتبرًا أن التحدي المقبل يكمن في "تطبيق هذه القوانين على أرض الواقع".

وأكد الشرع أن القطاع العقاري يمثل إحدى أكبر الفرص الاستثمارية في البلاد، نتيجة الدمار الكبير الذي شهدته المدن السورية خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الحكومة اختارت إعادة البناء عبر الاستثمار بدلاً من الاعتماد على المساعدات الخارجية، لأن ثقافة الاعتماد على المساعدات تؤدي إلى الكسل، وستركز على الموارد البشرية المتنوعة التي تملكها سوريا في المقابل.

وأشار إلى أن سوريا بلد سياحي وزراعي واقتصادها متنوع، وتستطيع إطعام ما يقارب 250 إلى 300 مليون شخص، رغم تعداد سكانها الحالي البالغ نحو 25 مليون نسمة. كما تطرق إلى قطاع الطاقة، مؤكدًا وجود فائض في إنتاج النفط والغاز، إضافة إلى وجود مخزونات كبيرة من الغاز في البحر والبادية.

ونوه الشرع إلى دخول شركات كبرى في السوق السورية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات السعودية فيها نحو سبع مليارات دولار، بالإضافة إلى استثمارات لشركات قطرية تعمل في مطار دمشق وإنتاج الطاقة، واستثمارات فرعية في قطاعات الفنادق والعقارات والمدن السكنية الجديدة.

ويعول الرئيس السوري على "شعبه" في رهان إعادة نهضة سوريا، لأنهم عانوا خلال 14 سنة من الحرب وفقدوا الكثير، إلا أنهم "صبروا وتمسكوا بمبادئهم"، واستطاعوا الانتصار، وهو ما يجعلهم قادرين على إعادة بناء سوريا. وعن الرؤية المستقبلية لسوريا، فإن الخطوة الأولى، بحسب الرئيس الشرع، هي عودة السوريين إلى بلادهم وإنهاء حالات اللجوء والهجرة القسرية، لتستعيد سوريا بعدها مكانتها الاقتصادية وتكون في مصاف الدول اقتصاديًا في غضون سنوات قليلة.

مشاركة الشرع في "دافوس الصحراء"

وصل الرئيس السوري، أحمد الشرع، في 28 من تشرين الأول، ضمن زيارة عمل إلى السعودية، التقى خلالها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وشارك في النسخة التاسعة من مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي يعرف باسم "دافوس الصحراء"، الذي تحتضنه العاصمة الرياض.

وتأتي تسمية المؤتمر نسبة إلى مؤتمر "دافوس" الذي يقام في كانون الثاني من كل عام بمدينة دافوس في سويسرا، ويجمع بين نخبة من رجال الأعمال والسياسيين والأكاديميين، للتباحث بشأن التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وسبل حلها.

رافق الرئيس وفد سوري رفيع المستوى يضم وزراء وخبراء وقيادات اقتصادية، توجه بعضهم منذ يومين إلى الرياض تمهيدًا للزيارة الرسمية، وأجرى الوفد هناك لقاءات مع كبار المستثمرين والشركات العالمية بهدف بناء شراكات في قطاعات البنية التحتية، والإسكان، والطاقة، والصحة، والتكنولوجيا، والصناعات المستدامة.

ويأتي المؤتمر هذا العام تحت شعار "مفتاح الازدهار"، بمشاركة أكثر من ثمانية آلاف شخصية و650 متحدثًا من مختلف دول العالم، عبر 250 جلسة حوارية تبحث في آفاق الاستثمار في الاقتصاد والتقنية، ومسارات التنمية المستقبلية.

ما "دافوس الصحراء"

مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي يوصف بأنه "دافوس في الصحراء"، نسبة إلى مؤتمر دافوس الذي يقام في مدينة دافوس بسويسرا في شهر كانون الثاني من كل عام. أطلقه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عام 2017 لجذب المستثمرين الأجانب والترويج لرؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد السعودي، والذي يعتمد بشكل كبير على النفط.

يشارك في المؤتمر مستثمرون وقادة ورؤساء تنفيذيون، يمثلون عددًا من الدول من أنحاء العالم، بغرض طرح ومناقشة فرص وتوجهات الاستثمار العالمي، وتعزيز التنمية الاقتصادية ومواجهة تحدياتها. شهدت النسخة الأولى من المؤتمر الإعلان عن إطلاق مشروع "مدينة المستقبل" (نيوم)، أحد أكبر مشاريع الرؤية، وهي منطقة اقتصادية مستقلة بقيمة مالية تتجاوز 500 مليار دولار.

مدير عام الخدمات المصرفية في بنك "ستاندرد تشارترد"، نبال نجمة، قال في منشور عبر حسابه في "فيسبوك"، إن المؤتمر يعد من أبرز المؤتمرات الاقتصادية العالمية التي تُنظمها السعودية سنويًا برعاية صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) نظرًا لمكانته وتأثيره الكبير في المشهد الاقتصادي الدولي، ولأنه منصة عالمية رائدة تجمع قادة الحكومات، وكبار المستثمرين، ورواد الأعمال، والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم، بهدف استشراف مستقبل الاقتصاد العالمي واستكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات.

مشاركة المقال: