الخميس, 30 أكتوبر 2025 09:36 PM

تقرير: الإعلام الحرّ ضروري لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا

تقرير: الإعلام الحرّ ضروري لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا

أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم الخميس، والذي حمل عنوان "دور الصحافة في مسار العدالة الانتقالية في سوريا بعد سنوات من القمع والترهيب"، على الأهمية القصوى التي تضطلع بها وسائل الإعلام في دعم مسار العدالة الانتقالية، والكشف عن الحقائق، والتصدي لثقافة الإفلات من العقاب التي استمرت طوال فترة النزاع.

يمثل هذا التقرير استكمالاً للرؤية الأساسية لمسار العدالة الانتقالية التي أصدرتها الشبكة في نيسان/أبريل الماضي، ويقدم تصوراً شاملاً للدور الذي يمكن أن تلعبه الصحافة في المرحلة التي تعقب الاستبداد، مع التركيز بشكل خاص على قدرتها على توثيق الجرائم، وتعزيز المساءلة، ودعم جهود المصالحة الوطنية.

وفي تصريح له ضمن التقرير، صرح فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، قائلاً: "لقد كان الإعلام على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية بمثابة الرئة التي تنفست من خلالها قضايا الضحايا السوريين، والنافذة التي أطلوا منها على العالم. ففي كل مرحلة من مراحل المأساة السورية، وقف الصحفيون – سواء كانوا محترفين أو مواطنين – في الصفوف الأمامية، وسجلوا بدمائهم ما عجزت الآليات الدولية عن توثيقه".

كما أضاف عبد الغني أن الشبكة تعتبر العمل الإعلامي شريكاً استراتيجياً في مسار العدالة الانتقالية، مؤكداً أن العديد من الإنجازات الحقوقية ما كانت لتتحقق لولا الجهود التوثيقية التي بذلها الإعلاميون السوريون داخل البلاد وخارجها.

وتناول التقرير بالتفصيل الانتهاكات الواسعة التي تعرض لها الصحفيون خلال سنوات النزاع، حيث وثق مقتل 725 من العاملين في القطاع الإعلامي منذ عام 2011، من بينهم 7 أطفال و6 سيدات و9 صحفيين أجانب، وأشار التقرير إلى أن معظم هذه الحالات (559 حالة) كانت على يد قوات نظام الأسد.

كما لفت التقرير إلى اختفاء ما لا يقل عن 486 صحفياً قسرياً، من بينهم 392 على يد النظام، مؤكداً أن الصحفيين كانوا ولا يزالون من بين الفئات الأكثر استهدافاً في سوريا بسبب دورهم في كشف الحقيقة.

ويُبرز التقرير مفهوم "الإعلام الانتقالي" باعتباره ركيزة أساسية لدعم مسارات العدالة في المجتمعات التي تخرج من النزاعات، موضحاً أن الصحافة يمكن أن تلعب أدواراً متعددة، من أبرزها:

  • تسليط الضوء على لجان الحقيقة والمصالحة.
  • مراقبة العدالة القضائية وتعزيز الشفافية في المحاكمات.
  • بناء سردية وطنية جامعة تتجاوز الانقسامات الطائفية والمناطقية.
  • حفظ الذاكرة الجماعية من خلال التوثيق المستمر لشهادات الضحايا والناجين.

ويشير التقرير إلى مجموعة من التحديات البنيوية التي قد تعيق أداء الإعلام لدوره في المرحلة التي تعقب النزاع، بما في ذلك غياب التشريعات التي تضمن حرية الإعلام، وضعف التمويل، واستمرار الانقسامات المجتمعية. ويقترح التقرير خطة من خمس نقاط تتضمن:

  1. إقرار قوانين جديدة تضمن حرية التعبير وتجرم التحريض على الكراهية.
  2. بناء قدرات إعلامية مستقلة مدعومة بميثاق شرف مهني.
  3. تعزيز ثقافة العدالة عبر حملات توعية وحوارات وطنية.
  4. تطوير منظومة للتحقق ومكافحة التضليل الإعلامي.
  5. وضع الضحايا في صلب التغطية الإعلامية من خلال تبني مبدأ "الضحايا أولاً".

ويخلص التقرير إلى أن الإعلام الحر ليس مجرد ناقل للأحداث، بل هو فاعل أساسي في بناء سوريا جديدة تقوم على الحقيقة والمساءلة والمصالحة. ويرى التقرير أن تحقيق هذا الدور يتطلب معالجة التحديات القانونية والمؤسسية والمجتمعية، بما يتيح للصحافة أن تكون حارساً للذاكرة الجماعية ورقيباً على العدالة.

مشاركة المقال: