الأحد, 2 نوفمبر 2025 05:38 AM

سوريا في مواجهة الفساد: هل تنجح جهود الرئيس الشرع في تطهير البلاد؟

سوريا في مواجهة الفساد: هل تنجح جهود الرئيس الشرع في تطهير البلاد؟

من يرفع هذا العبء الثقيل عن كاهل الوطن؟ من يحرر سوريا من قيود الفساد ويقضي على هذه الآفة الاقتصادية التي تنهش قوت الفقراء وتضع سوريا، مهد الحضارات العريقة، في مرتبة متدنية ضمن مؤشر الفساد العالمي؟ وفقًا لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2024، تحتل سوريا المرتبة العاشرة في قائمة الدول الأكثر فسادًا.

لقد ضحى السوريون بالكثير على مدى 14 عامًا من الثورة للإطاحة بالفساد والنظام الذي أرهق اقتصادهم ودمر النسيج الاجتماعي والأخلاقي. الفساد ليس مجرد سرقة للأموال العامة، بل هو سرقة لأحلام الشعب، كما قال نيلسون مانديلا. من هنا، تبرز أهمية إدراك الحكومة الجديدة في دمشق لضرورة تفكيك منظومة الفساد التي أثقلت كاهل البلاد ومعالجة تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، والقضاء على الشبكات الفاسدة المتغلغلة في مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة، والتي نهبت ثروات البلاد والشعب. هذا الأمر يضع الحكومة السورية الجديدة تحت مجهر الاختبار الشعبي والترقب الدولي.

تراقب وسائل الإعلام عن كثب خطوات الحكومة السورية نحو تحسين الأوضاع، وتنشر التقارير عن كل قرار وإجراء، وحتى كل كلمة وتوجيه يصدر عن رأس الدولة. وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية مؤشرات ودلائل على عزم الحكومة على اقتلاع جذور الفساد. بدأ المواطن يلمس هذه النية في سلوك الموظفين والإدارات في الحكومة الجديدة. على سبيل المثال، يلاحظ القادم إلى سوريا عبر المنافذ الحدودية اختفاء سلوكيات الإتاوات التي كان يمارسها عناصر الجمارك الحدودية. كما أن المواطن الذي يراجع مؤسسات الدولة لم يعد مضطرًا لدفع الرشاوى لإنجاز معاملاته. ومع ذلك، لا يزال حجم الفساد كبيرًا ويهدد اقتصاد البلاد واستقرارها.

من الواضح أن الحكومة، وعلى رأسها الرئيس أحمد الشرع، تدرك أن نهضة البلاد تبدأ بمحاربة الفساد بنزاهة. لذلك، يحرص الرئيس الشرع على التأكيد في كل مناسبة على ضرورة التمسك بمبادئ وأخلاقيات الثورة. وقد نشرت وكالة رويترز ووسائل إعلام محلية وعالمية تقارير تؤكد أن الشرع يقود معركته ضد الفساد ويشدد على ضرورة نزاهة المسؤولين، وخاصة المسؤولين عن الاقتصاد والأمن.

في تشرين الأول الماضي، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الرئيس الشرع وجه المسؤولين بضرورة الكشف عن استثماراتهم الحالية، وتجنب الدخول في مشاريع خاصة جديدة، وتجنب العلاقات الشخصية مع رجال الأعمال، محذرًا إياهم من تكرار النموذج الذي ساد في عهد نظام الأسد السابق.

نشرت وكالة رويترز يوم الجمعة تقريرًا مفصلاً أكدت فيه أن الرئيس أحمد الشرع ترأس اجتماعًا لعدد من المسؤولين في الدولة في إدلب، في مكان يبدو أنه اختير عمدًا لتذكير المجتمعين بمبادئ وأخلاقيات الثورة. وبحسب رويترز، أمر الشرع موظفي الدولة الذين يملكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها، مشددًا على ضرورة نزاهة المسؤولين وأنه لا توجد غنائم حرب في سوريا.

تطرق تقرير رويترز إلى العديد من التفاصيل التي تبدو مهمة وإيجابية وتعكس نية حقيقية للقيادة السورية في مكافحة الفساد. ومع ذلك، تبدو بعض الروايات مبالغًا فيها، ربما لأن الوضع في سوريا معقد وصعب، مما يجعله عرضة للشائعات والروايات الإعلامية الخيالية، خاصة على المستوى العالمي. لطالما كانت سوريا قلب الأحداث الدولية، والاحتمالات فيها متعددة. لكن الأكيد حتى الآن هو أن الفساد لا يزال موجودًا في سوريا، وإن ضاق نطاقه، وأن هناك بعض الممارسات الفاسدة من قبل بعض الشخصيات المسؤولة أو المتوارية خلف وجوه اقتصادية جديدة أو حتى شبكات فساد قديمة، وجدت لها مكانًا مخفيًا في الاقتصاد السوري الجديد. هذا أمر طبيعي في كل بلدان العالم، فالفساد آفة عالمية. لكن على الأقل، يجب علينا كسوريين الخروج من هوة المرتبة العاشرة في الفساد العالمي التي تسببت بها عصابة اندحرت بعد أن خنقت المواطن السوري. اليوم، يبدو الرهان كبيرًا على الحكومة السورية، خاصة أنه إذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد؟ من هذا المنطلق، يبدو أمل السوريين في العيش في دولة نظيفة من مظاهر الفساد والمحسوبية كبيرًا جدًا.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة

مشاركة المقال: