في تطور يلقي الضوء على ملف المفقودين والمقابر الجماعية المعقد في سوريا، أعلنت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية للمفقودين، عن استجابتها لبلاغ يفيد بوجود رفات بشرية في قرية أثرية بريف حماة الشرقي.
أفاد بيان صادر عن الدفاع المدني بأن فرق إزالة مخلفات الحرب قامت بمسح ميداني شامل للموقع قبل البدء بعملية البحث، وذلك للتأكد من خلوه من أي ألغام أو ذخائر غير منفجرة، كإجراء احترازي لضمان سلامة العاملين.
وأوضح البيان أن الفرق المختصة قامت بجمع الرفات يوم السبت، والتي تتكون من عظام بشرية مكشوفة ومختلطة، يُعتقد أنها تعود إلى حوالي أربعة أشخاص مجهولي الهوية، وفقًا للمعطيات الأولية. وقد تم تنفيذ العملية وفقًا للبروتوكولات المعتمدة دوليًا في توثيق وانتشال الرفات، تمهيدًا لتسليمها إلى الجهات المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية والفنية اللازمة.
وحذّر الدفاع المدني الأهالي من الاقتراب من مواقع الرفات أو المقابر الجماعية أو العبث بها، داعيًا إلى إبلاغ مراكزه فور العثور على أي بقايا بشرية. وأشار إلى أن أي تدخل غير مهني قد يضر بمسرح الجريمة ويؤدي إلى طمس الأدلة الجنائية، والتي تعتبر أساسية في الكشف عن مصير المفقودين وتحديد هوياتهم ومحاسبة المتورطين في جرائم الاختفاء القسري.
يأتي هذا الاكتشاف بعد أقل من شهر على عثور مديرية الأمن في ريف حمص على مقبرة جماعية في منطقة المخرم، وذلك إثر بلاغ من الأهالي في الرابع من تشرين الأول الماضي. وقد ضمت المقبرة، الواقعة في قرية أبو حكفة الشمالي، ثلاث جثث، من بينهم أطفال، وُجدوا بملابسهم الكاملة.
وقد تم الكشف عن عدة مقابر جماعية في مناطق متفرقة من البلاد في وقت سابق، يُعتقد أنها تعود لضحايا الانتهاكات الواسعة التي شهدتها سوريا. وتشير التقديرات الحقوقية إلى أن مئات الآلاف ما زالوا في عداد المفقودين، فيما يُرجّح أن عددًا كبيرًا منهم قد قُتل تحت التعذيب أو أُعدم سرًا.
ويرى مراقبون أن تكرار اكتشاف الرفات في مناطق مختلفة من سوريا يعكس حجم المأساة الإنسانية المتراكمة، ويؤكد الحاجة إلى آلية شفافة ومستقلة لتحديد الهويات وجمع الأدلة الجنائية، باعتبارها خطوة أساسية في تحقيق العدالة الانتقالية وإنصاف ذوي الضحايا.