الإثنين, 3 نوفمبر 2025 06:07 AM

تفاقم أزمة النفايات يهدد الأحياء العشوائية في دمشق: معاناة مستمرة وغياب للحلول

تفاقم أزمة النفايات يهدد الأحياء العشوائية في دمشق: معاناة مستمرة وغياب للحلول

دمشق – كريستينا الشماس: تتراكم أكوام النفايات على جانبي الطريق بين منطقتي الدويلعة والكباس، خاصة عند تجمع "سرافيس الدويلعة"، مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة وتناثر الأكياس البلاستيكية على الأرصفة وبين السيارات. هذه المشكلة لا تقتصر على هذا الطريق فحسب، بل تتفاقم لتشمل جميع الأحياء العشوائية في دمشق، بما في ذلك الدويلعة والكباس، بالإضافة إلى منطقة كشكول التابعة إداريًا لمدينة جرمانا. تشهد هذه المناطق أزمة متصاعدة في إدارة النفايات الصلبة، مع تزايد الشكاوى من تراكم القمامة في الشوارع الفرعية والأزقة الضيقة التي يصعب على سيارات النظافة الوصول إليها.

تعتبر هذه المناطق من بين الأحياء التي شهدت توسعًا عمرانيًا غير منظم منذ بداية الألفية، نتيجة لموجات النزوح الداخلي وارتفاع أسعار العقارات داخل دمشق. وعلى الرغم من قرب هذه المناطق من العاصمة، إلا أنها لا تحظى بالخدمات البلدية المنتظمة المتوفرة في أحياء دمشق المركزية، حيث لا تزور سيارات القمامة الشوارع إلا بشكل متقطع، مما يحول بعض الزوايا والساحات إلى مكبات مؤقتة يستخدمها السكان للتخلص من النفايات المنزلية.

تحت شرفة منزله في الطابق الثاني بمنطقة الدويلعة، يراقب فادي السلوم كل صباح تجمع الحاويات الكبيرة التي وضعت أسفل البناء منذ سنوات. ويقول إن المسافة بين بيته والقمامة لا تتجاوز أمتارًا قليلة، مما يجعل الهواء في محيط المنزل محملًا بروائح خانقة لا تتبدد طوال اليوم. وأضاف فادي، لعنب بلدي، أن الحاويات تحولت إلى مصدر دائم للذباب والحشرات، مشيرًا إلى أنه على الرغم من عملية التفريغ التي تتم في أغلب أيام الأسبوع خلال أوقات الصباح، فإن النفايات تتراكم وتفيض على جوانب الحاويات مع حلول المساء. حاول سكان الحي مرارًا تقديم شكوى للبلدية لنقل موقع الحاويات، لكنهم لم يتلقوا سوى وعود، في حين يبقى المشهد على حاله، بحسب فادي.

تقف ميساء العدي أمام مدخل بيتها في منطقة الكباس، محاولة إبعاد أكياس القمامة التي تركها الجيران لعدم وجود حاوية قريبة. يعاني الحي الذي تعيش فيه ميساء من نقص واضح في نقاط تجميع القمامة، مما يدفع السكان إلى وضعها في زوايا الشوارع أو قرب الجدران. وأوضحت ميساء أن الوضع يزداد سوءًا في الأيام التي تتأخر فيها سيارات الترحيل، فتصبح الشوارع أشبه بمكبات صغيرة تنبعث منها روائح نفاذة.

يرى سامي شقرة، سائق "سرفيس" على خط "الدويلعة- كراجات" منذ أكثر من عشر سنوات، أن مشهد النفايات صار جزءًا من الطريق لا يمكن تفاديه. ووصف مشهد تكدس القمامة على جانبي الشارع الرئيس في منطقتي الدويلعة والكباس بـ"الاعتيادي"، معتبرًا أن المكان الذي يفترض أن يكون نقطة انطلاق وحركة للناس، أصبح "نقطة إزعاج دائمة".

تتداخل أزمة تراكم النفايات في المناطق العشوائية بعوامل عدة، أبرزها ضعف خدمات النظافة، ونقص المعدات، وعدم انتظام جمع القمامة، إلى جانب الكثافة السكانية العالية والتمدد العمراني غير المنظم، بحسب إفادات الأهالي الذين تحدثوا لعنب بلدي. تعتقد ميساء العدي أن سبب مشكلة تراكم النفايات في حيها هو ضيق بعض الأزقة، وبالتالي لا يمكن للشاحنات دخولها، مما يجعلها نقاطًا دائمة لتكدس النفايات، خاصة في الأحياء التي نشأت دون تخطيط عمراني واضح.

يرى السائق سامي شقرة أن المشكلة ليست في حجم النفايات فقط، بل في غياب المتابعة الدائمة، مؤكدًا أن المشهد يتكرر كل يوم تقريبًا، وكأنه لا أحد يراه. وعلى الرغم من عمل مديرية النظافة في محافظة ريف دمشق على ترحيل النفايات في حي كشكول بمدينة جرمانا، ضمن حملة "ريف دمشق بخدمتكم"، فإن ذلك لم يعكس تحسنًا على واقع النظافة في الأحياء العشوائية.

يخشى الأهالي مع دخول فصل الشتاء من أن تختلط النفايات بمياه الأمطار، مما سيحول الشوارع إلى بيئة مثالية للأمراض والروائح، ويزيد من صعوبة جمع القمامة في الطرق الطينية والضيقة.

على الرغم من محاولات عنب بلدي المتجددة للحصول على توضيحات من مدير النظافة ومعالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق، عبدو العلوش، حول تفاقم أزمة النفايات في المناطق العشوائية، فإنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة تحرير التقرير. وأوضح العلوش في تصريح سابق لعنب بلدي، في آب الماضي، أن المديرية عانت من ارتفاع نسبة الأعطال في الآليات العاملة على ترحيل القمامة، وتدني جاهزية الآليات لديها، الأمر الذي أدى إلى تراكم القمامة في بعض الأحياء. وبحسب العلوش، تعمل مديرية المركبات على الإسراع في عملية إصلاح الآليات، وخاصة الأعطال الخفيفة، للعودة إلى العمل.

مشكلة انتشار النفايات وتراكمها ليست جديدة في سوريا، لكنها تفاقمت مع زيادة المشهد السوري قتامة وتعقيدًا بعد عام 2011، خاصة أن إدارة النفايات الصلبة كانت مشكلة بيئية معترفًا بها في سوريا قبل ذلك العام، وهو ما تناولته عنب بلدي في تحقيق سابق. وكان التعامل مع النفايات غير مناسب، ويفتقر إلى الرقابة التنظيمية على الانبعاثات الصادرة عن البيئة، وكان نظام الحوكمة البيئية ضعيفًا، وفق تقرير لمنظمة "PAX" الهولندية عام 2015.

مشاركة المقال: