في خطوة تهدف إلى تحفيز الاقتصاد المتضرر، أدخلت الحكومة السورية تعديلات على قانون الاستثمار، وذلك استجابة للمتطلبات الاقتصادية الراهنة وكجزء من رؤية شاملة للإصلاح الاقتصادي. السؤال المطروح: كيف ستساهم هذه التعديلات في تشجيع المستثمرين السوريين في الخارج على العودة والمشاركة الفعالة في إعادة الإعمار؟
الدكتورة رولا إسماعيل، رئيس قسم التخطيط والاقتصاد بجامعة اللاذقية، أوضحت في تصريح لـ"الحرية" أن المرسوم التشريعي رقم 114 لعام 2025، الذي يعدل قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، يأتي في ظل تحديات مالية كبيرة تواجهها الدولة السورية، بما في ذلك عجز الموازنة ونقص الاحتياطيات. هذه التحديات تستدعي الحاجة الماسة إلى تدفقات استثمارية كبيرة من الداخل والخارج لتمويل مشاريع البنية التحتية وإعادة الإعمار.
وأشارت الدكتورة إسماعيل إلى أن التعديلات الجديدة تهدف إلى تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية من خلال إجراءات نوعية، من أبرزها إنشاء مركز خدمات المستثمرين الذي يعمل كنافذة واحدة لتسهيل الإجراءات وتقليل الروتين الإداري والبيروقراطية، مع تحديد مهلة 30 يوماً لإنجاز المعاملات. وتهدف هذه الخطوة إلى الحد من الهدر الزمني والفساد الإداري.
كما منحت التعديلات إعفاءات ضريبية وجمركية تصل إلى عشر سنوات في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات، بالإضافة إلى تخصيص أراضٍ من أملاك الدولة للاستثمار. وتضمنت التعديلات ضمانات قانونية قوية تمنع المصادرة ونزع الملكية إلا بحكم قضائي وتعويض عادل، وتسوية النزاعات بالطرق الودية، والسماح بتحويل الأرباح عبر المصارف السورية.
وترى إسماعيل أن هذه الإجراءات ستمنح المستثمرين، وخاصة السوريين في الخارج، ثقة أكبر للعودة إلى وطنهم والمساهمة في إعادة الإعمار، مستفيدين من الحوافز التي تقلل التكاليف وتوفر الاستقرار القانوني والمالي.
وفيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مع الحفاظ على أولوية المستثمر الوطني، أكدت إسماعيل أن المرحلة الراهنة تتطلب انفتاحاً متوازناً على جميع أنواع رؤوس الأموال، مع التركيز على المشاريع التي تتناسب مع طبيعة الاقتصاد السوري وموارده. وأضافت: "نحتاج إلى استثمارات صناعية موجهة للتصدير، واستثمارات زراعية تعتمد على منتجاتنا التصديرية كالزيتون والفستق الحلبي والقطن، إضافة إلى استثمارات سياحية وتكنولوجية يمكن أن تستفيد من الكفاءات السورية في مجال المعلوماتية."
وختمت د. إسماعيل بالقول إن تعديل قانون الاستثمار يمثل خطوة متقدمة نحو توفير المناخ الأمثل لجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، ولكنه يتطلب أيضاً بيئة مستقرة وآمنة، مؤكدة على أن رأس المال يتطلب الثقة والاستقرار للتحرك.