الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 01:55 AM

تزايد الحديث عن تصدع تحالف أردوغان والقوميين في تركيا: هل نشهد انهيارًا وشيكًا؟

تزايد الحديث عن تصدع تحالف أردوغان والقوميين في تركيا: هل نشهد انهيارًا وشيكًا؟

تتزايد حدة الحديث في الساحة السياسية التركية حول الخلافات المتصاعدة داخل "تحالف الشعب"، الذي يضم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، وحزب "الحركة القومية" برئاسة دولت بهلشي، مما يثير التكهنات حول احتمال انهيار هذا التحالف.

وقد بلغت هذه التكهنات، التي شهدت تصاعدًا وهبوطًا خلال الأشهر الماضية بسبب تباين المواقف بين إردوغان وبهشلي في بعض القضايا، حد التسليم بوجود أزمة حقيقية وأن التحالف، الذي تشكل قبل انتخابات عام 2018 وأرسى النظام الرئاسي بدعم قوي من بهشلي، يسير نحو التفكك. هذا الدعم مكّن إردوغان من الانفراد بالسلطة والقرار.

ومما عزز هذه التكهنات غياب بهشلي عن الاحتفالات بالذكرى الـ 102 لتأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. لم يحضر بهشلي المراسم السنوية التقليدية، بما في ذلك زيارة إردوغان وكبار المسؤولين ورؤساء الأحزاب إلى ضريح مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، ولا حفل الاستقبال الذي يقام مساء اليوم نفسه في القصر الرئاسي، والذي لم يغب عنه بهشلي فحسب، بل غاب عنه أي ممثل عنه.

فسرت هذه الخطوة في أنقرة على أنها "احتجاج صامت" من بهشلي، الذي اكتفى بإرسال هدية إلى إردوغان بدلاً من الحضور، وذلك بسبب التباين في المواقف حول الانتخابات الرئاسية في "جمهورية شمال قبرص" غير المعترف بها دولياً. فاز في هذه الانتخابات، التي أجريت الشهر الماضي، رئيس "الحزب الجمهوري التركي" المعارض طوفان إرهورمان، حيث رحب إردوغان بالنتيجة وقدم له التهنئة، بينما أعرب بهشلي عن غضبه وطالب برلمان شمال قبرص بالانعقاد وإعلان انضمامها إلى تركيا.

وإذا كان هذا الأمر يُطرح كسبب رئيسي للخلاف، فإن هناك أسبابًا أخرى، أهمها عدم رضا بهشلي عن الضغوط الموجهة إلى حزب "الشعب الجمهوري" والاعتقالات التي بدأت في مارس (آذار) الماضي باحتجاز رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وعدم توجيه اتهامات أو إجراء محاكمات للمعتقلين من رؤساء البلديات بتهم الفساد والرشوة حتى الآن.

وسبق أن أعلن بهشلي، أكثر من مرة، تأييده لدعوة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، إلى إصدار لائحة الاتهامات وبث محاكمة إمام أوغلو على الهواء مباشرة على تلفزيون الدولة.

وخرجت دعوات واضحة من جانب كتاب مقربين بشدة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، من أبرزهم الكاتب في صحيفة "حرييت"، عبد القادر سيلفي، الذي أكد في أحد مقالاته أن "حزب العدالة والتنمية ينبغي ألا يخسر بهشلي". وأثار ما كتبه سيلفي أسئلة علنية حول ما إذا كان "تحالف الشعب" في طريقه إلى التفكك.

ومع تصاعد النقاشات حول التصدع في "تحالف الشعب"، كتب نائب رئيس حزب "الحركة القومية" للشؤون القانونية والانتخابات، فتي يلديز، عبر حسابه في "إكس"، الجمعة، رسالة مبهمة عمقت من الاعتقاد بوجود أزمة في التحالف، جاء فيها: "لنبنِ لغة تشمل المجتمع بأسره وتوسع نطاق الحقوق والحريات الأساسية وتعزز شعور المواطنين بالانتماء إلى الوطن وثقتهم بالدولة". وأضاف: "لنتأمل بهدوء، لنتجنب الوقوع في فخ من يثيرون الفتن، لنعلم أن اقتراحاتنا لحل المشكلات الاجتماعية لن تكون سوى تمارين عقلية ما لم تقدم قيمة عملية".

وأضافت هذه الرسالة الغامضة بعداً جديداً إلى الأزمة، أوحت بوجود خلافات بين حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" حول التعامل مع عملية السلام الداخلي عبر حل حزب "العمال الكردستاني" ونزع أسلحته، التي بدأت بمبادرة "تركيا خالية من الإرهاب" التي أطلقها بهشلي من البرلمان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

وعندما سئل زعيم المعارضة رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، أوزغور أوزيل، الجمعة، عن تقييمه للأزمة داخل "تحالف الشعب" وما إذا كان غياب بهشلي عن زيارة ضريح أتاتورك وإرسال اثنين من نوابه للمشاركة فيها، وعدم حضوره حفل الاستقبال الذي أقامه إردوغان بالقصر الرئاسي يحمل رسالة معينة، أجاب بأنه "إذا كانت هذه رسالة، فإنني غير معني بالأمر ولن أضطر للتعامل مع التصدعات في تحالف الشعب في ظل كل ما لدينا من هموم وقلق، فليحلوا هذه المشاكل بأنفسهم".

وتابع أوزيل: "لكن دعوني أقول هذا، تُكثر الشخصيات المُقربة من حزب العدالة والتنمية من التعليقات من قبيل أنه يجب حل هذا الخلاف قبل أن يتفاقم، ويجب قراءة الرسالة، وهكذا، بينما عندما قررنا مقاطعة افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان في الأول من أكتوبر الماضي وخطاب إردوغان تعرضنا لانتقادات حادة، على الشعب أن يسأل الآن لماذا يعتبر الغياب عن البرلمان احتجاجاً يجب إدانته، بينما عدم الحضور إلى ضريح أتاتورك احتجاجاً يجب البحث عن أسبابه وعلاجها قبل أن يتفاقم".

* صحيفة الشرق الأوسط

مشاركة المقال: