الخميس, 6 نوفمبر 2025 11:09 PM

في مواجهة تراجع التأييد الأمريكي: إسرائيل تستثمر الملايين في حملة علاقات عامة رقمية

في مواجهة تراجع التأييد الأمريكي: إسرائيل تستثمر الملايين في حملة علاقات عامة رقمية

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن حكومة بنيامين نتنياهو قد أبرمت عقودًا دعائية بملايين الدولارات بهدف تحسين صورة إسرائيل في أوساط الرأي العام الأمريكي، وذلك عبر وسائل متعددة تشمل روبوتات الدردشة.

يأتي هذا التحرك في أعقاب استطلاعات رأي أظهرت تراجعًا ملحوظًا في التأييد لإسرائيل بين الأمريكيين، وخاصةً الشباب، وذلك على خلفية حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي استمرت عامين في قطاع غزة بدعم أمريكي.

وأسفرت هذه الحرب عن مقتل 68 ألفًا و875 فلسطينيًا وإصابة 170 ألفًا و679 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى تدمير 90% من البنية التحتية المدنية، مع تقديرات للأمم المتحدة بتكلفة إعادة الإعمار تصل إلى نحو 70 مليار دولار.

وذكرت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية قد وظفت شركات ليس فقط لتنفيذ حملات دعائية تقليدية، بل أيضًا حملات تستهدف ملايين رواد الكنائس المسيحيين، وشبكات روبوتات لتضخيم الرسائل المؤيدة لإسرائيل على الإنترنت، وجهودًا للتأثير على نتائج البحث وخدمات الذكاء الاصطناعي الشائعة مثل ChatGPT.

ومن بين الخبراء الذين تم توظيفهم مدير سابق لحملة دونالد ترامب الانتخابية، وشركات أخرى مرتبطة بالحزب الجمهوري والمجتمعات الإنجيلية، مما يشير إلى تركيز إسرائيل على المجتمعات التي كانت تعتبر في السابق مؤيدة لها تلقائيًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الحملات تمثل مرحلة جديدة في استراتيجية الدبلوماسية العامة الإسرائيلية لما بعد الحرب، وتحولًا في طريقة استخدام الوكلاء، سواء كانوا من الذكاء الاصطناعي أو المؤثرين البشريين، في الدعاية الخارجية.

وبموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، يتعين على الشركات الأمريكية التي تمثل حكومات أجنبية التسجيل لدى وزارة العدل الأمريكية. وتظهر الوثائق المقدمة أن حكومة إسرائيل، عبر وزارتي الخارجية والسياحة ووكالة الإعلان الحكومية، قد وقعت عقودًا متعددة في الولايات المتحدة لتعزيز مصالح إسرائيل.

وتم توقيع أكبر عقود الدعاية الجديدة مع شركة كلوك تاور إكس، المملوكة لبراد بارسكال، الذي لعب دورًا رئيسيًا في حملات ترامب الرقمية، بقيمة 6 ملايين دولار لمدة أربعة أشهر، لتقديم خدمات استشارات استراتيجية وتخطيط واتصالات لتطوير وتنفيذ حملة أمريكية واسعة النطاق لمكافحة معاداة السامية.

وستنتج شركة بارسكال ما لا يقل عن 100 محتوى أساسي شهريًا، بينها مقاطع فيديو وصوت وبودكاست ورسومات ونصوص، إضافة إلى 5 آلاف مادة مشتقة في الشهر، لتحقيق 50 مليون مشاهدة شهريًا، مع استهداف الشباب الأمريكيين على منصات تيك توك وإنستغرام ويوتيوب.

ووفقًا للصحيفة، فإن التركيز على الجماهير المسيحية مفاجئ، نظرًا لأنهم يعتبرون تاريخيًا أكثر الجماعات تأييدًا لإسرائيل في الولايات المتحدة، إلا أن استطلاعات مركز بيو تظهر انخفاضًا سريعًا في دعم إسرائيل، حتى بين المحافظين، في خضم حرب غزة.

وتشير التقارير إلى أن نصف الجمهوريين الشباب يحملون الآن نظرة سلبية تجاه إسرائيل، بزيادة 15% منذ بدء الحرب، وأن الإنجيليين الشباب أصبحوا أكثر انتقادًا لإسرائيل.

وفي سياق متصل، كشفت "هآرتس" أن حملة إسرائيلية أخرى، بتكليف من وزارة الخارجية، اقترحتها شركة شو فيث باي ووركس، المملوكة للمستشار الجمهوري تشاد شنيتغر، وتركز على الكنائس والمنظمات المسيحية في غرب الولايات المتحدة لمواجهة تراجع الدعم لإسرائيل بين المسيحيين الإنجيليين.

ومن العناصر الأساسية في الحملة محاولة التأثير على روبوتات الدردشة الذكية الشائعة، حيث يكشف أحد بنود عقد شركة كلوك تاور إكس عن عملية بحث لغوية مصممة ليس فقط للترويج للحملة على جوجل ومحركات بحث أخرى، بل أيضًا لتوليد نتائج تأطيرية في محادثات ChatGPT وأنظمة الحوار القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وقد تكون هذه أول حالة موثقة علنًا لمحاولة دولة تشكيل الخطاب من خلال أنظمة ذكاء اصطناعي توليدية مثل ChatGPT وClaude، مما يؤثر على كيفية تأطيرها للقضايا المتعلقة بإسرائيل وفلسطين.

ومع ذلك، لم تتخل إسرائيل عن المنصات التقليدية، حيث أنفقت أكثر من 45 مليون دولار في النصف الثاني من 2025 على إعلانات إلكترونية منتظمة مع جوجل ويوتيوب وإكس.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن أبرز وأحدث دليل على تراجع الدعم لإسرائيل هو فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، الأربعاء، رغم أنه يعتبر ما ارتكبته إسرائيل في غزة "إبادة جماعية".

كما شدد ممداني على اعتزامه اعتقال نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، في حال وصل نيويورك، حيث مقر الأمم المتحدة.

وتتهم المحكمة نتنياهو بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطييين في غزة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت عامين منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حتى وقفها في أكتوبر 2025.

مشاركة المقال: