الأحد, 9 نوفمبر 2025 07:28 PM

سوريا: حملات مكثفة لحماية المستهلك ورقابة مشددة على الأسواق بمشاركة 500 عنصر

سوريا: حملات مكثفة لحماية المستهلك ورقابة مشددة على الأسواق بمشاركة 500 عنصر

عنب بلدي – مارينا مرهج

شهدت الحركة التجارية المحلية في سوريا تحولًا ملحوظًا بعد انفتاح الأسواق وزيادة المعروض من المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، بما في ذلك السلع المستوردة أو تلك التي تدخل البلاد بطرق غير نظامية. وقد أدى ذلك إلى وفرة في بعض المنتجات التي لا تتوافق مع المواصفات القياسية السورية أو متطلبات البيان الجمركي من حيث الأوزان والمكونات.

تزامن ذلك مع فترة انتقالية اتسمت بضعف الرقابة، مما سمح بانتشار المخالفات المتعلقة بالغش التجاري وارتفاع الأسعار، الأمر الذي أثار قلق المستهلكين بشأن جودة المنتجات وسلامتها.

دوريات "حماية المستهلك" تعود إلى العمل

بدأت مديريات حماية المستهلك في مختلف المحافظات السورية في استعادة دورها الرقابي خلال الأشهر الأخيرة، وذلك من خلال تسيير الدوريات الميدانية وتنفيذ خطط رقابية وتوعوية تهدف إلى ضبط الأسواق ومراقبة جودة وسلامة المواد الغذائية والصناعية، في محاولة لإعادة الاستقرار إلى الأسواق المحلية، وفقًا لما صرح به مدير حماية المستهلك وسلامة الغذاء في الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، حسن الشوا، خلال لقاء مع عنب بلدي.

يُذكر أن هذه الدوريات لم تكن تحظى بثقة المواطنين في ظل النظام السابق، بسبب إخفاقها في تحقيق الهدف المنشود، وهو ضبط الأسعار في الأسواق وحماية مصالح المستهلكين، وتحولها إلى بؤرة للفساد وتلقي الرشى من التجار، بالإضافة إلى تحول العديد من العاملين فيها إلى مستفيدين ماديًا من وظائفهم بطرق غير مشروعة.

وأوضح الشوا أن الإجراءات تتم بالتنسيق مع دوائر حماية المستهلك وسلامة الغذاء، حيث تم تخصيص دائرة لمتابعة الشكاوى الواردة من المواطنين، وأخرى لمراقبة الأسعار وضبط حالات البيع بسعر زائد أو الغش التجاري. وأشار إلى أن المديرية حرصت على تزويد الدوريات بالأجهزة الميدانية اللازمة للتحليل السريع لضمان جودة المواد، مع استخدام الكاميرات أثناء الجولات لتوثيق المخالفات، مع التأكيد على حق التاجر أو صاحب المنشأة في الاعتراض في حال تعرض للظلم أو تم تلفيق ضبط غير دقيق بحقه.

إلزام التجار بالإعلان عن الأسعار

يركز عمل حماية المستهلك على مراقبة جودة الغذاء ومدى مطابقة المنتج الصناعي أو التجاري للمواصفات القياسية السورية والاشتراطات الصحية، سواء كان محليًا أو مستوردًا، بحسب الشوا، الذي أشار إلى أن جزءًا كبيرًا من نجاح العمل الرقابي يعتمد على وعي وثقافة المستهلك نفسه، وأن القرار الأخير المتعلق بإلزام التجار بالإعلان عن الأسعار يمنح المستهلك فرصة أكبر للمقارنة بين المنتجات واختيار الأفضل من حيث الجودة والسعر، مما يعزز المنافسة الإيجابية في السوق.

ودعا المواطنين إلى شراء المواد من المحال والمنشآت المعروفة وذات السمعة الجيدة، والابتعاد عن "البسطات" أو المحال غير المرخصة أو مجهولة المصدر، مؤكدًا أن الشركات الموثوقة تحافظ على سمعتها وجودة إنتاجها، وهذا ينعكس بدوره على حماية المستهلك.

وأكد مدير حماية المستهلك أن هذه الجهود تمثل خطوة نحو تطوير المنتج السوري وإعادته تدريجيًا إلى مكانته الطبيعية في الأسواق المحلية والدولية، من خلال التعاون بين وزارتي التجارة والصناعة، ومشاركة أصحاب الاختصاص في وضع الاشتراطات الصحية والمعايير اللازمة لرفع جودة الإنتاج الصناعي والغذائي في سوريا.

وكان مدير عام هيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية، ياسر عليوي، قد أوضح في حديث سابق لعنب بلدي، أن مسؤولية الهيئة تقتصر فقط على وضع الشروط والمعايير الواجب اتباعها وفحص المنتجات، وأن رقابة المنتجات داخل الأسواق تقع خارج اختصاصاتها، وتقع على عاتق الجهات الرقابية سواء كانت غذائية وصحية أو دوائية.

وفي حال وجود أي شكوى تجاه منتج ما، تقوم الجهات الرقابية بإرسال عينة من المواد إلى هيئة المواصفات لتقوم بفحصها وكتابة التقارير الخاصة بها.

وحول دور الهيئة في مراقبة المواد الواردة إلى سوريا، أوضح عليوي أن مسؤولية مراقبة المستوردات تتوزع بين جهات عدة، تشمل الهيئة من جهة وضع المتطلبات والمواصفات والفحوص المرجعية، والتجارة الداخلية، والجمارك، والصحة، والجهات الرقابية على الحدود والأسواق.

ويتضمن عمل الهيئة إصدار المواصفات والمتطلبات الفنية ومعايير الفحص للسلع المستوردة، وتنسيق إجراءات الفحص وإتاحة قوائم السلع الخاضعة للرقابة الفنية، بحسب عليوي، لافتًا إلى وجود آليات لأخذ عينات وفحوص مشتركة بين الجهات المعنية لضمان سلامة المواد الواردة ومنع دخول غير المطابق منها.

500 عنصر رقابي

أفاد حسن الشوا بأن عدد عناصر حماية المستهلك العاملين حاليًا يبلغ نحو 500 عنصر منتشرين في أنحاء سوريا، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل على زيادة هذا العدد عبر مسابقة جديدة لتغطية الحاجة الرقابية في مختلف المحافظات.

وأكد وجود أرقام خاصة لتلقي شكاوى المواطنين، بالإضافة إلى سيارات ميدانية موحدة تقوم بجولات تفتيشية دورية على الأسواق.

وأشار إلى أن عمل حماية المستهلك لا يقتصر على الجولات الميدانية، بل يشمل متابعة الشكاوى حتى في حال عدم وجود الدوريات في الموقع، مؤكدًا أن التنسيق يجري بشكل دائم بين مديريات التموين والمحافظات لضمان الرقابة المستمرة، خصوصًا في الأسواق الأكثر ازدحامًا.

وحول مسؤولية ضبط الأسواق، أكد أن المديرية تتحمل الجزء الأكبر من هذه المسؤولية، بالتعاون مع الجهات المحلية في المحافظة، وأن العمل الرقابي يعتمد على مبدأ "التشاركية" بين المؤسسات، لضمان تطبيق القوانين ومحاسبة المخالفين.

وكانت وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا قد كشفت، في 14 من تشرين الأول الماضي، عن إحصائية بعدد المخالفات التموينية، منذ بداية العام الحالي حتى نهاية أيلول الماضي، حيث بلغ عدد المخالفات لتلك الفترة 34308، منها 380 محلًا تم إغلاقه بسبب مخالفات جسيمة، و81 إحالة قضائية.

وتنوعت المخالفات بين تقاضي سعر زائد، والتدليس في بطاقة البيان، ومواد منتهية الصلاحية، ومخالفة الشروط الصحية، وعدم الإعلان عن الأسعار، وعدم تداول الفواتير، ومخالفة التعليمات الإدارية.

مشاركة المقال: