الإثنين, 10 نوفمبر 2025 05:35 PM

من قرية سورية إلى البيت الأبيض: قصة تحول الجولاني من مقاتل إلى حليف محتمل لترامب

من قرية سورية إلى البيت الأبيض: قصة تحول الجولاني من مقاتل إلى حليف محتمل لترامب

في عام 2019، أرسل الرئيس ترامب قوات كوماندوز أمريكية إلى قرية صغيرة في سوريا للقضاء على زعيم داعش. واليوم، من المقرر أن يلتقي ترامب برئيس سوريا، الذي كان في السابق أحد مساعدي ذلك الزعيم.

بعد مرور ست سنوات على الغارة الليلية التي استهدفت قرية باريشا في شمال سوريا، لا يزال رشيد قصير يتذكر بذهول صوت المروحيات التي كانت تحلق فوق رأسه. اعتقد قصير حينها أن مروحية تابعة للنظام السوري تهبط اضطرارياً، ولم يكن يتصور أنه سيشهد عملية للقوات الأمريكية تستهدف أحد أخطر المطلوبين في العالم. يقول قصير: "كنا في المنزل المجاور، وكدنا نموت من الخوف".

في ذلك الوقت، وعلى بعد أميال قليلة إلى الجنوب في مدينة إدلب، كان أحمد الشرع، المعروف آنذاك باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، وهو أحد المقربين السابقين من البغدادي ممن عرفوه في العراق، قد بدأ في ترسيخ مكانته كقائد محلي للمقاومة ضد بشار الأسد. كان البغدادي قد كلفه بتوسيع نشاط القاعدة إلى سوريا، لكنه انفصل عنه حوالي عام 2013، ومنذ عام 2016 بدأ، عبر المصالحة أحياناً والصرامة أحياناً أخرى، في انتهاج مسار أكثر اعتدالاً.

تقول رندة سليم، الزميلة في معهد السياسات الخارجية التابع لجامعة جونز هوبكنز: "إنها مفارقة مذهلة عندما تفكر في أن ترامب قتل معلم الشرع ومرشده السابق، البغدادي. قصة الشرع لم تكتب بعد، لقد جلب الأمل، ولكن هل سيصبح قمعياً؟".

إن رحلة الشرع من جهادي كان يهدف إلى قتل الجنود الأمريكيين في العراق إلى قائد لبق أنيق ومتصالح يسعى لاستمالة دول العالم اليوم، هائلة إلى درجة تثير تساؤلات لا مفر منها حول مدى اكتمال تحوله فعلاً.

يتحدث العديد من السوريين، بمن فيهم رشيد قصير في باريشا، بحرية أكبر ويشعرون بأن عبئاً ثقيلاً قد أزيح عن كاهلهم. التعب من القتال بعد حرب أهلية دامت 13 عاماً جعل احتمال عودة الصراع المسلح بين الجماعات العرقية والدينية العديدة في البلاد غير وارد في المدى القريب، رغم وقوع حوادث عنف خطيرة.

يقول قصير: "الشرع ممتاز، إنه يحاول خدمة الناس، نحن مرتاحون جداً للتغيير الذي حصل". وعندما سئل عما يظنه بشأن التحالف بين الشرع وترامب، قال إنه لا يريد أن يُعتقل بسبب إجابة خاطئة قد يقدمها. وعندما سأله الصحافي "من سيعتقلك؟"، أجاب قصير ضاحكاً: "ترامب طبعاً".

لا يزال قصير يأمل بالحصول على تعويض من الولايات المتحدة جراء الأضرار التي لحقت بمنزله بسبب العملية الأمريكية التي أنهت البغدادي، وجراء الضرر النفسي الذي لحق به أيضاً، حيث أن الأب لخمسة أطفال (45 عاماً) لم يستطع إنجاب المزيد منذ عام 2019 لأن الصدمة أثرت على خصوبته، على حد تعبيره.

في إدلب، حيث يجري استكمال طريقٍ سريع بستة مسارات يؤدي إلى المدينة من الشمال، تلوح راية بيضاء ضخمة كتبت عليها الشهادتان، راية جماعة الشرع السابقة، هيئة تحرير الشام، الجماعة التي كانت حتى قبل أربعة أشهر فقط مصنفة من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية. لم يرفع بعد أي علم سوري (بشكل بارز على الأقل) عند المدخل الشمالي لإدلب. بناء الشرع لسوريا موحدة ما يزال عملاً جارياً، ويحظى الآن بدعمٍ قوي من الولايات المتحدة.

الرئيس الجديد أكثر دراية بالأنظمة السلطوية من درايته بتقاسم السلطة، وليس من الواضح أي اتجاه سياسي سيسلك، لكن الحرية في بلاده الآن مقارنة بما كانت عليه قبل 11 شهراً تستقبل بشيء من الدهشة من أمثال رشيد قصير.

بعد أن ابتعد عن الفكر الجهادي، يُعتقد أن الشرع تعاون مع الولايات المتحدة في تقديم معلومات استخباراتية أدت إلى تعقب قادة داعش والقاعدة في محافظة إدلب، وفقاً لسفير غربي في دمشق طلب عدم الكشف عن اسمه التزاماً بالأعراف الدبلوماسية، وسيبقى غير معروف ما إذا كان للشرع دور في ما يعتبره ترامب أحد أعظم إنجازاته ألا وهو التخلص من البغدادي.

* صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية

مشاركة المقال: