مع الانخفاض المستمر في قيمة الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية، تزايدت التساؤلات حول تأثير ذلك على إيرادات قناة السويس. فالرسوم تُسعّر بوحدة حقوق السحب الخاصة (SDR) التابعة لصندوق النقد الدولي، والتي تزداد قيمتها مع ضعف الدولار.
أوضح محللون لـ"العربية Business" أن ضعف الدولار يعزز قيمة وحدات الصندوق الافتراضية عند تحويلها إلى الدولار، مما يزيد الإيرادات المحصلة في القناة عند التسوية اليومية.
كيف يؤثر انخفاض الدولار على إيرادات القناة؟
يشرح هاني جنينة، رئيس وحدة البحوث بشركة "الأهلي فاروس"، أن تراجع الدولار أمام العملات الخمس المكونة لسلة حقوق السحب الخاصة (اليورو، الجنيه الإسترليني، الين الياباني، اليوان الصيني، والدولار) يقلل من قيمته أمام وحدات الـSDR، وهو ما ينعكس إيجاباً على عائدات قناة السويس.
وأضاف جنينة أن حقوق السحب الخاصة أشبه بعملة افتراضية تعكس حركة العملات الأساسية مقابل الدولار، وأن رسوم القناة تُحصّل وفق قيمتها اليومية. وأشار إلى أن قناة السويس تعتمد هذه الوحدات في تسعير رسوم المرور، ثم تحول قيمتها لاحقاً إلى الدولار. وذكر أن سعر وحدة SDR تراوح بين 1.32 دولار خلال 2024 وحتى منتصف 2025، قبل أن يرتفع مؤخراً إلى 1.42 دولار، أي بزيادة تقارب 7.5%.
ويرى جنينة أن هذا الارتفاع ساعد الهيئة على تعويض جزء من الخصومات التي وُجهت للسفن خلال فترة تباطؤ حركة الملاحة، وأن تعافي عدد السفن منذ أكتوبر 2025 تزامن مع ارتفاع قيمة SDR، مما يدعم الإيرادات بشكل مزدوج. ويتوقع أن يواصل الدولار تراجعه عالمياً بنسبة تتراوح بين 5% إلى 10% العام المقبل، مما سيترجم إلى زيادة موازية تقريباً في الإيرادات عند ثبات عدد السفن.
هل الزيادة في الإيرادات كبيرة بالفعل؟
من جهة أخرى، يرى خبير أسواق المال هيثم فهمي أن تأثير انخفاض الدولار على إيرادات القناة "هامشي" مقارنة بالتأثير الأكبر الناتج عن زيادة عدد السفن. وأوضح أن التسعير الأساسي لرسوم العبور يتم بالدولار الأميركي، رغم السماح أحياناً بالدفع بعملات أخرى، لافتاً إلى أن ارتفاع الإيرادات يعتمد في المقام الأول على نمو حركة التجارة العالمية.
وتوقع فهمي أن يتراجع الدولار بنسبة تقارب 5%، وهو ما سينعكس بشكل محدود على العائدات، مؤكداً أن معدل العبور هو العامل الحاسم في تحديد حجم الإيرادات.
حقوق السحب الخاصة… ما هي؟
حقوق السحب الخاصة ليست عملة مادية، بل أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي عام 1969 لدعم احتياطيات الدول ولتسوية تعاملات البنوك المركزية مع الصندوق. وتستخدم الدول هذه الوحدات لتبديلها بعملات حقيقية عند الحاجة للسيولة، ولا يتم تداولها بين الأفراد.
تعافي ملحوظ في حركة الملاحة
بحسب تصريحات سابقة لرئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، ارتفع عدد السفن المارة خلال أكتوبر الماضي بنسبة 16%، فيما نمت الإيرادات الدولارية بنسبة 17% على أساس سنوي.
المرور هو العامل الحاسم
أما الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة فيرى أن انخفاض الدولار لن يسهم كثيراً في تعويض التراجع الكبير الذي شهدته إيرادات القناة خلال العامين الماضيين، مؤكداً أن الحل يكمن في مضاعفة عدد السفن واستعادة نشاط التجارة العالمية عبر الممر الملاحي.
وأكد بدرة أن العودة لمستويات الإيرادات التي تجاوزت 9 مليارات دولار قبل الأزمة تتطلب نمواً كبيراً في حركة التجارة الدولية، وليس فقط تحسن سعر وحدة SDR.