الأحد, 16 نوفمبر 2025 04:56 PM

أزمة التعليم تتفاقم: "إضراب الكرامة" يعود ليشلّ مدارس حلب وإدلب

أزمة التعليم تتفاقم: "إضراب الكرامة" يعود ليشلّ مدارس حلب وإدلب

يشهد شمال سوريا أسبوعًا ثانيًا من الأزمة التربوية الحادة، حيث يواصل آلاف المعلمين في محافظتي حلب وإدلب إضرابهم المفتوح تحت شعار "إضراب الكرامة". وقد أدى هذا الإضراب إلى تعليق العملية التعليمية، حيث يطالب المعلمون برفع رواتبهم وتحسين أوضاعهم الوظيفية في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها. يسلط هذا المشهد الضوء على الأزمة العميقة التي يعاني منها النظام التعليمي في المنطقة.

نفذ المعلمون وقفات احتجاجية أمام مديرية التربية في حلب، استجابة لدعوة من "نقابة المعلمين السوريين الأحرار"، وذلك بعد وصول المفاوضات إلى طريق مسدود. وكان المعلمون قد علقوا الدوام اعتبارًا من 9 نوفمبر 2025.

أبرز مطالب المحتجين

رفع الرواتب: يعاني أغلب المعلمين من تدني الرواتب، حيث تتراوح بين 94 و120 دولارًا شهريًا، في حين أن تكلفة المعيشة الأساسية للأسرة تتجاوز 400 دولار كحد أدنى.

التثبيت الوظيفي: يطالب المعلمون بالإسراع في دمجهم في السلك التربوي الرسمي وتثبيتهم بشكل دائم، بعد سنوات من العمل دون عقود أو أرقام ذاتية في المناطق التي كانت تُدار بآليات مختلفة.

إعادة المفصولين: يطالب المحتجون بإعادة المعلمين المفصولين إلى وظائفهم، وهو مطلب تتبناه النقابة. كما يطالب البعض بإقالة وزير التربية ومعاونيه، وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن تدهور العملية التعليمية في الشمال.

وعود متكررة وواقع مرير

تعود جذور الأزمة الحالية إلى تراكمات طويلة، حيث سبق للوزارة أن أطلقت وعودًا متعددة برفع الرواتب خلال فترات زمنية محددة، إلا أن تلك الوعود لم تتحول إلى خطوات عملية. وقد أدى الإعلان عن صرف الرواتب عبر تطبيق "شام كاش" دون أي تغيير في قيمتها، على عكس التوقعات، إلى تفاقم الوضع ودفع المعلمين إلى اعتبار الإضراب خيارهم الوحيد.

وفي محاولة لحل الأزمة، أعلن وزير التربية السوري، محمد تركو، عن بدء إجراءات دمج معلمي مناطق الشمال ضمن ملاك مديرية تربية حلب، بهدف "تسوية أوضاعهم الوظيفية بشكل كامل وضمان استقرار الكوادر التعليمية". إلا أن هذا القرار قوبل بردود فعل متباينة من المعلمين، بين مرحبٍ به كفرصة لتحسين أوضاعهم، ومتخوفٍ من كيفية تنفيذه على أرض الواقع مع عدم وضوح آلية التدريب أو معالجة نقص الموارد في المدارس.

تأثير سلبي على العملية التعليمية

أدى الإضراب إلى توقف شبه كامل للعملية التعليمية في مناطق واسعة من الشمال السوري، حيث ارتفعت نسبة إغلاق المدارس في بعض المناطق إلى أكثر من 50%، مما أوقف آلاف الطلاب عن متابعة دراستهم. يأتي هذا في سياق تسرب مدرسي هائل في سوريا، حيث تشير التقديرات إلى وجود ملايين الأطفال خارج مقاعد الدراسة، مما يزيد الوضع سوءًا ويُبعد شبح أي تعافي مستقبلي للمنطقة.

وتمثل احتجاجات المعلمين في شمال سوريا تحركًا ضد واقع معيشي وتعليمي صعب، حيث يواجهون الغلاء المعيشي ونظامًا تعليميًا مشلولًا. يخوض المعلمون معركتهم من أجل "الكرامة" التي يرون أنها السبيل الوحيد لضمان مستقبل تعليمي لأبناء المنطقة، مطالبين بتقديم حلول جذرية.

مشاركة المقال: