ناشدت مجموعة من المؤسسات الإعلامية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني السورية، المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي المعنية بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، الاستمرار في تقديم الدعم اللازم لتمكينها من مواصلة عملها وأداء مهامها في سوريا.
جاءت هذه الدعوة على هامش الدورة التاسعة من "يوم الحوار" مع منظمات المجتمع المدني السوري، وذلك ضمن فعاليات مؤتمر "بروكسل 9" لدعم سوريا، الذي نظمه الاتحاد الأوروبي في دمشق، يوم السبت الموافق 15 من تشرين الثاني. وقد تم توجيه بيان مشترك من هذه المؤسسات إلى الاتحاد الأوروبي خلال حضورها المؤتمر، وذلك في إطار دعم منظمات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، بهدف تعزيز الشفافية والعدالة.
تضمنت مطالب المنظمات السورية ما يلي:
- مواصلة وتعزيز الدعم المقدم للإعلام المستقل ومنظمات المجتمع المدني، بما يحافظ على الخبرات والمهارات المتراكمة التي اكتسبتها، وتمكين هذه المؤسسات من الاستمرار في دورها الحيوي في الرصد والمساءلة ومكافحة التضليل الإعلامي.
- الاعتراف بالإعلام المستقل ومنظمات المجتمع المدني كشركاء استراتيجيين في أي مقاربة أوروبية تتعلق بالملف السوري، لما لها من دور محوري في تعزيز الاستقرار المجتمعي وترسيخ قيم المشاركة الإيجابية.
أكد البيان على أن المؤسسات الإعلامية المستقلة قد اكتسبت على مدى 14 عامًا مضت خبرات مهنية وقدرات مؤسسية "قيمة"، مكنتها من المساهمة بفعالية في ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، والدفاع عن الفئات المهمشة، ودعم عمليات الانتقال السياسي القائمة على الشفافية والمساءلة. وجاء في البيان: "دعمكم لوسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني، هو حجر الزاوية في حماية مساحات حرية التعبير، وضمان الوصول إلى معلومات موثوقة، وتعزيز العدالة والسلام المدني".
كما أكدت المنظمات السورية استعدادها التام للبقاء كـ "شركاء فاعلين" في الجهود الرامية إلى إعادة بناء الثقة، وتعزيز الشفافية والعدالة في سوريا. واختتم البيان بأمل الجهات الموقعة بأن تؤخذ توصياتها بعين الاعتبار عند صياغة السياسات والبرامج الأوروبية المقبلة المتعلقة بسوريا.
وشملت المنظمات الموقعة على البيان عددًا من المؤسسات الإعلامية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني الفعالة في سوريا، منها جريدة عنب بلدي، ومؤسسة ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، ومؤسسة موج، ورابطة الصحفيين السوريين، ومؤسسة الراصد، وشبكة درعا 24، وراديو آرتا، وغيرها.
"يوم الحوار"
ركزت محاور فعالية "يوم الحوار" على المجتمع المدني في سوريا، وتناولت عدة عناوين، منها "بناء الشراكة بين الحكومة السورية والمجتمع المدني، العدالة الانتقالية، تمكين الشباب السوري، حماية الحيز التعبيري للمجتمع المدني، الحوكمة والمشاركة السياسية، والتحول من المعونات الإنسانية للتعافي والمرونة".
وخلص المشاركون في مناقشات "يوم الحوار" إلى جملة من التوصيات، التي أعلنت في الجلسة الختامية وحضرتها عنب بلدي، وتتمثل في:
- تحويل الصورة النمطية للمجتمع المدني من نهج الرقابة إلى نهج التنسيق والتعاون والشراكة مع الحكومة السورية.
- العمل على مراجعة القوانين الناظمة المحددة لعمل المجتمع المدني، وتبسيط إجراءات التسجيل والإشهار.
- التعاون بين الحكومة السورية والمجتمع المدني بتركيز عمل العدالة الانتقالية، وتعزيز مساراتها، وذلك عبر إيجاد مقاربة تربط بين العدالة الانتقالية وقضية المفقودين لتحقيق سلام مستدام ومصالحة حقيقية.
- المساعدة بتحديد آليات الدعم الأساسية بين المجتمع المدني والحكومة السورية، لتلبية احتياجات الضحايا في عملية العدالة الانتقالية.
- تعزيز التشاركية السياسية وانخراط المجتمع المدني بإشراك المواطنين وبناء المؤسسات.
- العمل على إيجاد عمليات تسهل صنع القرار بشمولية وتشاركية أكثر.
- الانطلاق من المبادئ والتوصيات التي عقدت في ختام حلسات الحوار الوطني، وإمكانية إعادة حوار وطني جامع وشامل لكل السوريين، وذلك بالتعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني.
- العمل سويًا لوضع حد لخطاب الكراهية، وتعزيز حيز التعبير للمجتمع المدني، وحماية حق التنوع الثقافي.
- تمكين الشباب السوري في سوق العمل، وبناء القدرات الأساسية.
- استثمار الطاقات الشبابية، وتعليمهم المهارات الرئيسية الموازية لمهارات التعليم الجامعي.
- تأمين الاحتياجات الإنسانية بطريقة مستدامة ومستمرة، وتعزيز جهود التعافي في سوريا.
- تأمين وصول المساعدات الإنسانية للأكثر ضعفًا والمسنين والأطفال.
- أهمية خلق فرص عمل للسوريين وإشراك القطاع الخاص ضمن سياسات تراعي النساء وذوي الإعاقة، وبما ينسجم مع إطار التعافي في سوريا.
- تذليل الصعوبات والتحديات والعرقلات التي تعترض عمل منظمات الدفاع المدني، خاصة التي يكون منشأها حكومي.
- تطبيق التماسك الاجتماعي على الأرض، وإمكانية صناعة السلام عبر الاقتصاد والمشاريع الصغيرة.
منذ عام 2017، ينظم الاتحاد الأوروبي مؤتمرات للمانحين في بروكسل لدعم سوريا، وكان مؤتمر هذا العام، بعنوان "الوقوف مع سوريا: تلبية احتياجات انتقال ناجح".
دعم الاتحاد الأوروبي الدائم
يشكل تنظيم "يوم الحوار" في دمشق خطوة مهمة في دعم الاتحاد الأوروبي لمساحة مدنية آمنة وممكنة ومستقلة في سوريا، واستعداده لمرافقة السوريين على طريقهم نحو المصالحة والتماسك الاجتماعي، بحسب ما أعلنه الاتحاد الأوروبي، في 14 من تشرين الثاني.
قالت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويكا، إن تنظيم "يوم الحوار" لأول مرة في سوريا يعكس دعم الاتحاد الأوروبي الدائم للشمولية والمصالحة، وتوفير مساحة مدنية آمنة وحيوية في سوريا. وأضافت: "يؤكد هذا الحدث استعدادنا لمرافقة السوريين في طريقهم نحو العدالة والتماسك الاجتماعي والانتقال السلمي".
بدورها، اعتبرت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، كايا كلاس، أنه بعد عقود من "الدكتاتورية الوحشية"، أصبحت لدى سوريا الآن فرصة لإعادة بنائها، بما يعكس إرادة الشعب السوري. وترى أن وجود مساحة مدنية آمنة ومستقلة وحيوية جزء أساسي من هذه العملية، مؤكدة أن حدث اليوم "يتيح للسوريين التعبير عن آرائهم حول مستقبل بلادهم وإسماع أصواتهم".
وشددت على أن دعم الاتحاد الأوروبي لسوريا ليس مجرد أقوال، بل هو أفعال أيضًا، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدم 2.5 مليار يورو كمساعدات لإعادة بناء سوريا.