الإثنين, 17 نوفمبر 2025 02:18 AM

تسريع إجلاء عائلات الهول: خارطة طريق وطنية جديدة لإعادة دمجهم في المجتمع

تسريع إجلاء عائلات الهول: خارطة طريق وطنية جديدة لإعادة دمجهم في المجتمع

عقدت وحدة دعم الاستقرار يوم أمس الأحد جلسة حوارية موسعة لمناقشة مستقبل العائلات الخارجة من مخيم الهول والتحديات المتعلقة بإجلائهم وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم المحلية. حضر الجلسة ممثلون عن التحالف الدولي وعدد من الوكالات الأممية والمنظمات السورية.

تأتي هذه الجلسة بعد أسابيع من إجلاء 90 عائلة من المخيم، في خطوة تعتبر الأكثر تنظيمًا وتنسيقًا منذ أشهر، حيث جرت عمليات النقل وفق ترتيبات إنسانية تضمنت توفير الحماية وتأمين الاحتياجات الأساسية وضمان وصول العائلات إلى مناطق استقرار آمنة.

تهدف الجلسة، بحسب وحدة دعم الاستقرار، إلى تأسيس "خارطة وطنية واضحة" تساهم في تسريع عمليات الإجلاء المقبلة وربط العائلات مع ذويها وخفض المخاطر الاجتماعية المرتبطة بإعادة الاندماج، بالإضافة إلى بناء مقاربة شاملة للتعامل مع هذا الملف.

خلال النقاش، قدمت الوحدة تقريرًا حول احتياجات العائلات الخارجة من مخيم الهول، والذي تضمن:

  • احتياجات معيشية عاجلة
  • دعم نفسي واجتماعي
  • متابعة تعليم الأطفال
  • خطط حماية وتمكين للنساء
  • برامج دعم اقتصادي للاندماج في المجتمع

أكد المشاركون على أن نجاح العملية لا يقتصر على إخراج العائلات من المخيم، بل يتعداه إلى إدماجهم فعليًا في مجتمعاتهم الجديدة وتوفير بيئة آمنة ومستقرة تمنع إعادة التهميش أو الانعزال.

أكد قتيبة إدلبي، ممثل وزارة الخارجية السورية، خلال اللقاء، على طلب الحكومة السورية بالوصول إلى داخل المخيم لتسهيل عمليات التحقق الأمني وتقديم المساعدة اللازمة لعودة العائلات السورية، أسوة بما فعلته الحكومة العراقية لاسترجاع مواطنيها، مشددًا على ضرورة تنفيذ اتفاق عشر آذار بين الحكومة وقسد، لما له من انعكاسات إيجابية على حل مشكلة الهول.

من جانبه، أكد ممثلو التحالف الدولي على استعدادهم للتنسيق مع الحكومة السورية لحل مشكلة الهول وإعادة قاطنيه من السوريين، كما طالبوا مختلف الدول باسترجاع مواطنيهم من الأجانب من المخيم.

منذر السلال، المدير التنفيذي لمنظمة وحدة دعم الاستقرار، صرح لـ"سوريا 24" بأن العمل الحالي يهدف إلى الانتقال من مرحلة الإجلاء العشوائي إلى مرحلة الإجلاء المنظم، مؤكدًا أن العائلات الخارجة من الهول بحاجة إلى ما هو أكبر من النقل، فهي بحاجة إلى خطة وطنية متكاملة تعيد لهم شعور الأمان والانتماء. وأضاف أن الأطفال والنساء هم الأكثر هشاشة، وأن هناك حاجة إلى تحرك سريع من قبل الحكومة والمنظمات والشركاء الدوليين لضمان اندماجهم دون وصمة أو مخاوف.

وأضاف أن خارطة الطريق التي يجري إعدادها ستكون مرجعًا موحدًا لكل الجهات، وستحدد المسؤوليات والأدوار بشكل واضح، خصوصًا أن أي تأخير إضافي يفاقم الأزمات داخل المخيم.

عسير مضاعين، نائبة مديرة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سوريا، صرحت لـ"سوريا 24" أن عددًا من العائلات في مخيم الهول تبدي رغبة حقيقية في العودة إلى مناطقها الأصلية، مضيفة أن المفوضية تعمل حاليًا على دراسة الآليات التي تتيح تهيئة هذه العائلات للعودة، وكيفية دعم السلطات السورية في عملية إعادة الاندماج داخل مجتمعاتهم وقراهم. وأشارت إلى أن المفوضية تعمل على تطوير إدارة المخيم بهدف إعداد المقيمين فيه لمرحلة العودة عندما تتاح الظروف المناسبة، مؤكدة أن الفترة المقبلة ستشهد دورًا أكبر للمفوضية في إدارة المخيم بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة وشركائها المحليين. وشددت على أن المفوضية "ترغب في إغلاق المخيم في أقرب فرصة ممكنة"، إلا أنها أوضحت أن "هناك العديد من الظروف المعقّدة التي تتحكم بهذا الملف وتحدد سرعة التقدم فيه".

المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، أوضح في حديث خاص لـ"سوريا 24" أن وزارة الداخلية تعمل ضمن ثلاثة مسارات أساسية في ملف مخيم الهول، يبدأ أولها بالمسار التثقيفي عبر الإعلام "لتكريس كرامة الإنسان والصفة الإنسانية للمقيمين في المخيم"، مشيرًا إلى أن الوزارة عملت على تسهيل حصول هؤلاء على الوثائق الرسمية. أما المسار الثالث، فيتمثل في ملاحقة الخلايا الإجرامية التي تمارس الابتزاز بحق الناجين من المخيم أو أولئك الذين انشقوا عن تنظيم "داعش" وتراجعوا عن أفكاره. وأضاف أن لدى الوزارة خطة واضحة للتعاون مع المنظمات الدولية، مشيدًا بالتواصل الفعّال مع عدد من الجهات التي تعمل على الملف نفسه، ومؤكدًا أن الوزارة منفتحة على مزيد من الشراكات بما يسهم في دفع هذا الملف المعقّد نحو حلول أكثر استقرارًا.

ناقش المشاركون أبرز الصعوبات التي رافقت عمليات النقل السابقة، مثل نقص التمويل، ضعف التنسيق، عدم وضوح المسؤوليات بين الجهات الرسمية والمنظمات، إضافة إلى تحديات التحقق الأمني وتأمين السكن والخدمات الأساسية للعائلات.

في المقابل، أشار بعض الخبراء إلى أن "التوافق النسبي بين الجهات الرسمية والشركاء الدوليين" يشكّل فرصة حقيقية لتسريع الإجلاء خلال الأشهر المقبلة، شرط توحيد الجهود وتوفير دعم مستدام للبرامج الاجتماعية والاقتصادية.

خرجت الجلسة بعدد من التوصيات، أبرزها:

  • وضع نظام متابعة وتقييم لعمليات الإجلاء والدمج
  • إنشاء قنوات تنسيق مشتركة بين الوزارات والمنظمات
  • اعتماد معايير حماية موحدة للأطفال والنساء
  • توفير برامج تمكين اقتصادي للعائلات الخارجة
  • دعم المجتمعات المضيفة وتخفيف ضغط الاستقبال

تؤكد وحدة دعم الاستقرار أن الجهود الحالية لا تستهدف إنهاء ملف الهول فحسب، بل إعادة بناء الثقة بين العائلات العائدة ومجتمعاتها، وقطع الطريق أمام أي مخاطر مستقبلية يمكن أن تنشأ في حال بقيت هذه العائلات بلا دعم أو متابعة.

ومع استمرار التحركات الرسمية والدولية، تبقى خارطة الطريق الجديدة—في حال اعتمادها—من أهم المراحل المفصلية في ملف يُعتبر من أعقد ملفات شمال شرق سوريا.

مشاركة المقال: