الثلاثاء, 18 نوفمبر 2025 08:02 PM

سوريا على أعتاب نهضة اقتصادية: كيف تستفيد من التحولات المالية العالمية عبر بوابة الصين؟

سوريا على أعتاب نهضة اقتصادية: كيف تستفيد من التحولات المالية العالمية عبر بوابة الصين؟

في خضم التغيرات المتسارعة التي يشهدها النظام المالي العالمي، يمثل إعلان الصين الأخير بشأن ربط "الرنمينبي" الرقمي (e-CNY) بشكل كامل مع دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) وست دول في الشرق الأوسط حدثاً محورياً يعيد صياغة المشهد الاقتصادي.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير في السياسات الاستراتيجية والاقتصادية والإدارية، الدكتور هشام خياط، في تصريحات لـ"الحرية"، أن هذا التطور يمثل فرصة سانحة للبنك المركزي السوري (CBS) لتجاوز المراحل التقليدية في الاندماج العالمي، وذلك بالاستفادة من الشراكة مع الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق".

تحول مالي عالمي

أشار خياط إلى أن إعلان بنك الشعب الصيني في تشرين الأول 2025 يشكل نقلة نوعية في النظام المالي العالمي، حيث يربط الرنمينبي الرقمي بعشر دول في آسيان، مثل إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، وست دول في الشرق الأوسط، بما فيها السعودية والإمارات. هذا الربط يقلل سرعة التسويات عبر الحدود إلى 7 ثوانٍ فقط، ويخفض الرسوم بنسبة 98%، كما أظهر الاختبار الأول بين هونغ كونغ وأبو ظبي. كما أن تقنية "البلوك تشين" تضمن تتبعاً آمناً وتلقائياً لمكافحة غسيل الأموال، ما دفع 23 بنكاً مركزياً للانضمام إلى مشروع "الجسر الرقمي"، وخفض تكاليف تجار الطاقة في الشرق الأوسط بنسبة 75%.

وفيما يتعلق بسوريا، أوضح خياط أن البلاد تتمتع بموقع استراتيجي ضمن "الحزام والطريق"، حيث بلغ حجم التبادل التجاري مع الصين 2.5 مليار دولار في 2024، مع التركيز على الصادرات مثل الفوسفات والقطن والنفط. وأضاف أن حجم التسويات بالرنمينبي في دول آسيان تجاوز 5.8 تريليون يوان في 2024، بزيادة قدرها 120% عن 2021، وأن دولاً مثل ماليزيا وسنغافورة أدرجت الرنمينبي ضمن احتياطياتها.

فرص وتحديات

يشير هذا الواقع إلى أن سوريا ليست بحاجة إلى بناء نظام رقمي من الصفر، بل يمكنها الاستفادة من الشبكة الصينية التي تغطي 200 دولة، مع حجم مدفوعات عابرة للحدود بلغ 1.2 تريليون دولار. ومع ذلك، تواجه سوريا تحديات داخلية مثل نقص الخبرة التقنية والبنية التحتية، بالإضافة إلى مخاطر العقوبات التي قد تؤثر على الثقة الدولية.

وأكد بنك التسويات الدولية أن الصين "تعيد تعريف قواعد اللعبة في عصر العملات الرقمية"، مما يجعل هذا التطور فرصة لسوريا لتجاوز المراحل التقليدية والاندماج مباشرة في "الطريق الحرير الرقمي"، كما فعلت دول مثل تايلاند في صفقات النفط الرقمية.

القفز فوق المراحل

شدد خياط على ضرورة التركيز على التوجهات الاستراتيجية للبنك المركزي السوري، والتي تتضمن مبدأ "القفز فوق المراحل"، أي البدء من حيث انتهى الآخرون بدلاً من تكرار تجاربهم. وتشمل هذه التوجهات:

  1. تعزيز الشراكة مع الصين كجسر للاندماج العالمي.
  2. تطوير نموذج هجين للعملة الرقمية بدلاً من بناء عملة رقمية كاملة، واعتماد "ليرة رقمية هجينة" لضمان السرعة والأمان.
  3. بناء السيادة المالية من خلال الاندماج في الشبكة الصينية، ما يزيد الصادرات بنسبة 30% ويجذب استثمارات صينية في إعادة الإعمار.
  4. مواجهة التحديات بالشفافية والتدريب لضمان الامتثال لمعايير مكافحة غسيل الأموال.

خطوات واضحة ومحددة زمنياً

لتحقيق هذه التوجهات، اقترح خياط خطة تنفيذية مقسمة إلى مراحل قصيرة ومتوسطة الأجل، مع مسؤوليات واضحة:

  1. المرحلة الأولى (0-3 أشهر): الإعداد والشراكة، وتشمل إرسال طلب انضمام رسمي إلى مشروع "mBridge" مع بنك الشعب الصيني وتشكيل فريق عمل مشترك.
  2. المرحلة الثانية (3-6 أشهر): التطوير التقني الهجين، وتتضمن التعاون مع شركات صينية لبناء "ليرة رقمية هجينة" وتدريب موظفي البنك المركزي.

تعتبر هذه الخطوات بمثابة خريطة طريق لسوريا نحو تحقيق الاندماج المالي العالمي، مستفيدة من الفرص المتاحة في ظل التحولات المالية العالمية.

مشاركة المقال: