نشر موقعنا رسالة مؤثرة وردت من أم لطالب في إحدى مدارس محافظة طرطوس، لما تحمله من أهمية ومخاوف على مستقبل التعليم في سوريا.
نص الرسالة:
إلى معالي وزير التربية والتعليم الأكرم،
أتوجه إليكم اليوم بصفتي أمًا قبل كل شيء، ومواطنة يملؤها الخوف على مستقبل هذا الوطن وأجياله القادمة. أكتب إليكم لأني أشاهد أبناءنا وهم يتخبطون بين الكتب والامتحانات، وأحلامهم تتلاشى تحت وطأة نظام تعليمي فقد جوهره.
لقد تحولت مدارسنا، للأسف، إلى مراكز للاختبارات المتواصلة والصعبة، وكأن الأسئلة وُضعت لتحدي الأهل قبل الطلاب. فما يكاد الطالب ينتهي من امتحان الشهر الأول حتى يبدأ بالتحضير للثاني، ثم التقويم، ثم الامتحان النهائي، ليصبح العام الدراسي سلسلة لا تنتهي من الاختبارات المرهقة.
يعيش الطالب في حالة دائمة من التوتر، يحفظ المعلومات ليوم الامتحان ثم ينساها مباشرة بعده، ويغمره الحزن واليأس. وكأن مصير أطفالنا أن يتعودوا على الألم قبل أن يتعلموا. لم يعد لديهم الوقت لاكتشاف هواياتهم، أو تطوير مهاراتهم، أو حتى للاستمتاع بطفولتهم. فقدت المدرسة متعتها، وتحول المنزل إلى غرفة عمليات دراسية، والأمهات في حالة استنفار دائم، والآباء متوترون، والمعلم مرهق يركض خلف المنهاج الذي لا نهاية له.
يا معالي الوزير، المنهاج طويل، والفصل الدراسي قصير، والضغط كبير. المعلم لا يملك الوقت الكافي للتعمق في الشرح، والطالب لا يملك الفرصة للفهم الحقيقي. أصبحنا نخرج جيلًا لا يعرف كيف يتعلم، ولا كيف يفكر، جيلًا مبرمجًا للامتحان فقط، وليس للحياة. هذا ليس تعليمًا، بل هو أسلوب تجهيل ممنهج يقتل الشغف، ويضعف الروح، وينتج جيلًا بلا مهارة ولا معرفة ولا فضول.
نحن الأمهات نعيش هذا الألم يوميًا، نرى أبناءنا يدرسون بلا رغبة، يحفظون بلا فهم، وينجحون بلا تعلم. نعيش القلق، ندرس معهم، نتابعهم، ونخسر نحن وهم توازننا النفسي والاجتماعي.
أين أنتم يا وزارة التربية والتعليم من هذا المشهد؟ أين الحل؟ أين الإصلاح الحقيقي؟ إلى متى ستبقى المدرسة مكانًا يرهق الطلاب والمعلمين والأهل جميعًا؟
نحن لا نطلب المستحيل، نريد فقط أن تعود المدرسة حياة، وأن يعود التعليم رسالة لا سباقًا. نريد نظامًا ينمي العقول لا يرهقها، ويخرج أجيالًا تفكر وتبدع، لا تحفظ وتنسى.
من قلب كل أم، ومن ضمير كل مواطنة غيورة على هذا الوطن، أقولها بصدق: أنقذوا أبناءنا، قبل أن نفقدهم داخل نظام لا تعليمي لا يرحم.
(أخبار سوريا الوطن-1)