الأحد, 23 نوفمبر 2025 08:27 PM

إعادة إعمار سوريا: هل تكون المطارات بوابة التنمية أم واجهة للتجميل؟

إعادة إعمار سوريا: هل تكون المطارات بوابة التنمية أم واجهة للتجميل؟

في مرحلة التعافي من الحرب، يواجه ملف التطوير العقاري في سوريا تحديات كبيرة، حيث يتقاطع البعد الاقتصادي مع العمراني والاجتماعي. هذا يجعل التطوير العقاري مشروعاً لإعادة تشكيل ملامح سوريا المستقبلية، وليس مجرد بناء.

في هذا السياق، اطلع الرئيس الشرع على مشاريع إعادة التأهيل والتطوير العقاري في دمشق، بالإضافة إلى اقتراحات لتطوير المطارات وأحياء في محافظات مختلفة، بهدف تحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين.

أكد خبير التقييم العقاري الدكتور أنور وردة أن مشاريع إعادة التأهيل والتطوير العقاري محرك للانتعاش الاقتصادي، لارتباط القطاع العمراني بالقطاعات الإنتاجية والخدمية، مما يخلق فرص عمل ويحرك الطلب المحلي. كما أشار إلى أن هذه المشاريع ترفع قيمة العقارات وتزيد موارد البلديات لتحسين الخدمات.

لكن الدكتور وردة تساءل: هل ستعيد هذه المشاريع بناء المناطق المدمرة بروح وطنية، أم ستعيد هندسة المجتمع بشكل طبقي وديموغرافي؟ وأشار إلى أن المشاريع الفاخرة قد تستبعد السكان الأصليين للمناطق المتضررة، مما يمحو الهوية التاريخية والاجتماعية لتلك المناطق.

ولضمان أن تكون هذه المشاريع رافعة تنموية حقيقية، أكد الدكتور وردة على أهمية تهيئة أرضية تشريعية داعمة، وتمويل مستدام، وتخطيط محكم يدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية. ولخص المتطلبات في ثلاثة محاور: التمويلية، والتشريعية، والتخطيطية.

فيما يتعلق بالمتطلبات التمويلية، شدد على تنويع مصادر التمويل، وتحفيز التمويل العقاري المصرفي، وتوفير ضمانات مالية لحماية المستثمرين. أما المتطلبات التشريعية، فتتطلب تحديث قوانين التطوير وإعادة الإعمار، وسد الثغرات المتعلقة بحقوق المالكين الأصليين.

وفيما يخص المتطلبات التخطيطية، أكد على أهمية رؤية عمرانية شاملة تربط مشاريع إعادة التأهيل بخطط تنمية اقتصادية واجتماعية، وتخطيط تشاركي مع المجتمع المحلي، ودمج البعد الاقتصادي في التخطيط.

وحذر الدكتور وردة من المخاطر والتحديات التي يجب أخذها في الاعتبار عند توجيه الاستثمارات، مشيراً إلى أن نجاح القطاع العقاري يعتمد على إدارة المخاطر وخلق بيئة استثمارية مستقرة وعادلة وشفافة.

وفيما يتعلق بتطوير المطارات، تساءل عن مدى حكمة إعطاء الأولوية لبناء مطار حديث في ظل وجود احتياجات أساسية أخرى، معتبراً أن إنفاق المال على التعليم والصحة والكهرباء أولى في المرحلة الحالية.

وحول قدرة السوق المحلية على استيعاب استثمارات عقارية مستدامة، أوضح الدكتور وردة أن السوق يمتلك إمكانات كامنة، لكنه يواجه تشوهات هيكلية عميقة، وأن القدرة على الاستيعاب مشروطة بقدرة المستثمر على قراءة المخاطر وتوفر مشاريع ذات جدوى اقتصادية حقيقية.

وختم الدكتور وردة بالقول إن إعادة الإعمار مسؤولية وطنية وليست مجرد فرصة استثمارية، وأن الخشية ليست من عدم النجاح، بل من السير في الاتجاه الخاطئ والنجاح فيه، محذراً من أن يتحول إلى مشروع سياسي طبقي يعيد تشكيل المجتمع السوري.

محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: