الأحد, 23 نوفمبر 2025 05:01 PM

تحركات مكثفة لخفض الرسوم الجمركية على الصادرات السورية إلى أمريكا: هل تعود الصناعة السورية إلى الأسواق الأمريكية؟

تحركات مكثفة لخفض الرسوم الجمركية على الصادرات السورية إلى أمريكا: هل تعود الصناعة السورية إلى الأسواق الأمريكية؟

يشهد قطاع الأعمال السوري-الأمريكي تحركات مكثفة على الصعيدين المحلي والعالمي، بهدف مطالبة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات السورية إلى الولايات المتحدة من 41% إلى 10%. يهدف هذا التحرك إلى تعزيز وصول المنتج المحلي السوري إلى الأسواق الخارجية.

تضمنت زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى الولايات المتحدة ولقاؤه الرئيس الأمريكي، تطمينات بخفض الرسوم المشار إليها. وذكر أحد رجال الأعمال من أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة، والذي تحفظ على نشر اسمه، لعنب بلدي، أن الرئيس الشرع أخبر مستثمرين أمريكيين خلال اجتماع في واشنطن، بأنه تلقى وعدًا من الرئيس ترامب بخفض الرسوم الجمركية الأمريكية على البضائع السورية المستوردة من سوريا من 41% إلى 10%.

غريواتي: التخفيض سيعيد الصناعة السورية إلى الخارطة الأمريكية

في تصريح خاص لعنب بلدي، أوضح رئيس غرفة تجارة دمشق ورئيس مجلس الأعمال السوري-الأمريكي من الجانب السوري، عصام غريواتي، أن التخفيض الجمركي الأمريكي المطالب به إلى 10% على الصادرات السورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، سيمثل تحولًا نوعيًا في العلاقات التجارية بين البلدين، وفرصة استراتيجية للصناعة السورية لاستعادة مكانتها التصديرية.

وأكد غريواتي أن هذا التخفيض "مهم جدًا"، لأنه سيؤدي إلى تنشيط وزيادة الصادرات السورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وجعلها أكثر تنافسية مقارنة بالدول الأخرى التي تصدر منتجات مماثلة إلى أمريكا. وأضاف أن نسبة التخفيض المتوقعة ستمنح السلع السورية، خاصة الغذائية والتقليدية والنسيجية، ميزة تنافسية أفضل، مما سينعكس على زيادة معدلات التشغيل، وتوسيع الطاقات الإنتاجية، وبالتالي انخفاض التكاليف وتحسين القدرة على المنافسة.

الميزان التجاري السوري-الأمريكي

لم يكن حجم التبادل التجاري بين البلدين كبيرًا حتى قبل عام 2011، إذ لم يتجاوز مجموع المستوردات والصادرات مليار دولار عام 2010. لكنه تراجع بشكل حاد خلال فترة الحرب في سوريا، ليسجل أرقامًا متواضعة جدًا، لم تتجاوز 13 مليون دولار، مع تفوق واضح للصادرات السورية مقابل مستوردات رمزية من أمريكا لم تتجاوز مليوني دولار عام 2024، وهو أدنى مستوى في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين.

وأكد رئيس غرفة تجارة دمشق أن هذا التراجع ناجم عن مفاعيل العقوبات الاقتصادية على النظام السابق. لكن غريواتي توقع تحسن التبادلات التجارية خلال الأشهر المقبلة، خصوصًا بعد إنهاء ملف العقوبات ومنح سوريا ميزة تفضيلية في الرسوم الجمركية عند التصدير إلى أمريكا، "كما كان هناك وعد بذلك من قبل الجهات الأمريكية المعنية"، بحسب قوله.

ماذا تريد الأسواق الأمريكية من سوريا

أوضح غريواتي أن جميع القطاعات والمنتجات ذات المنشأ السوري بنسبة تزيد على 40% من القيمة المضافة، ستكون مستفيدة من التخفيض الجمركي الأمريكي. لكنه أشار إلى أن السوق الأمريكية تطلب بشكل خاص المنتجات النسيجية والغذائية الزراعية والتقليدية، التي تلقى رواجًا بين الجاليات العربية والسورية والمسلمة، بالإضافة إلى الحرف التراثية والتقليدية.

وسيؤدي التخفيض الجمركي إلى توسع الصناعات التصديرية المطلوبة في السوق الأمريكية، والعمل وفق اقتصادات الحجم الكبير، وهو ما كان ينقص الصناعة السورية سابقًا، مما سيؤدي إلى انخفاض التكاليف، وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات السورية أمام نظيراتها في السوق الأمريكية.

اعتبر غريواتي أن المنتجات السورية كانت بحاجة إلى أسواق كبيرة مفتوحة لضمان التنافسية والاستمرار، خاصة في ظل ضيق السوق المحلية وضعف الدخل الفردي، مشيرًا إلى أن هذا الانفتاح سيسهم في التشغيل والعمالة والنمو الاقتصادي.

فرص تسويق البضائع السورية بالمدن الأمريكية

جدد غريواتي التأكيد على أن لدى المنتجات السورية ميزات نسبية مطلوبة في السوق الأمريكية، وبخاصة الغذائية والنسيجية وبعض المنتجات التقليدية والاستهلاكية، مشيرًا إلى إمكانية تحقيق رواج لهذه المنتجات في المستقبل القريب من خلال الوكلاء ومراكز التوزيع التي يمكن افتتاحها في المدن الأمريكية.

وفيما يتعلق بالجودة، شدد على أن الأمر "مهم ويحتاج إلى تطوير شامل ليتلاءم مع المواصفات الأمريكية"، بالإضافة إلى شهادات المطابقة والجودة العالمية. وقال إن العديد من الشركات السورية تمتلك جزءًا مهمًا من هذه المنظومة، لكنها بحاجة إلى تطوير بالتعاون مع جهات أخرى وهو ما يزداد عادة مع انفتاح الأسواق.

"لا خوف على المنتجات السورية"، يؤكد غريواتي، لأن من استطاع بناء معامل بأيدٍ ونخب سورية في دول مجاورة شديدة المنافسة، قادر على تطوير منتجاته في فترات قصيرة، والاستجابة لمتطلبات الأسواق العالمية، بحسب تعبيره.

تحديات في السوق الأمريكية أمام السوريين

أشار رئيس غرفة تجارة دمشق إلى أن التحديات في السوق الأمريكية كبيرة، كما هي الحال في أي سوق جديدة عالية التنافسية، وتشمل:

  • المواصفات العالمية والمعلومات حول هيكل المنافسة والأسعار.
  • أذواق المستهلكين، وشروط الإدخال والاستيراد.
  • الرسوم الجمركية.
  • خطوط الشحن والنقل والتخليص والتأمين.

وأوضح أن هذه العناصر كانت غائبة عن المصدِّر السوري نتيجة التراجع الحاد في حجم الصادرات خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن المرحلة الجديدة تتطلب دراسات واستشارات وتفاهمات مع الشركات الأمريكية لتعزيز وجود المنتجات السورية في السوق الأمريكية.

عودة سوريا إلى دورها التصديري التاريخي

اختتم غريواتي حديثه بالتأكيد على أن سوريا، ومنذ الاستقلال الوطني وفترة الخمسينيات، كانت دولة مصدّرة للمنتجات، وبخاصة النسيجية والزراعية والغذائية، وفق إمكانياتها، ويرى أنها ستعود اليوم بقوة لممارسة هذا الدور، وتحتاج إلى تأمين متطلبات العمل الصناعي بصورة كاملة من طاقة ومواد ومستلزمات وأيدٍ عاملة وتقانة، وهي أصبحت متوفرة نسبيًا.

وأشار إلى أن هذه "العوامل ستؤدي لاحقًا إلى توسع الطاقات الإنتاجية لتكون أكثر تنافسية، وتخفيض نصيب الوحدة الواحدة من التكاليف التشغيلية الثابتة، مما يحقق اقتصادات الحجم الكبير، وهو من مرتكزات النهضة الصناعية والتصديرية المتوقعة للاقتصاد السوري، الذي أعلن عن هويته الفاعلة كاقتصاد حر تنافسي يعتمد على القطاع الخاص والمبادرة الفردية، وبالتالي على الاستثمارات المحلية والخارجية"، كما قال.

سلقيني يتوقع إعلان التخفيض

نشر الرئيس السابق لمجلس الأعمال السوري-الأمريكي، جهاد سلقيني، عبر صفحته على "لينكد إن"، أن هناك مؤشرات بدأت تظهر على الأرض، متوقعًا أن يعلن الرئيس ترامب عن خفض الرسوم الجمركية إلى 10%.

وقال سلقيني، إن هذا تطور سعى لتحقيقه مجلس الأعمال السوري-الأمريكي منذ ما قبل تطبيق الزيادة بنسبة 41%، وهذه الخطوة "ليست سوى بداية"، لكنها تجسّد جوهر عمل مجلس الأعمال المتمثل بـ: "توضيح الرؤية، وتقليل العراقيل، وبناء أرضية متينة لانخراط تجاري مستدام بين الولايات المتحدة وسوريا"، بحسب تعبيره.

وأكدت الاجتماعات الأخيرة بين الإدارة الأمريكية والرئيس السوري في واشنطن التزامًا مشتركًا بإعادة فتح قنوات اقتصادية منظمة بين البلدين.

سلقيني كان قد كشف أيضًا، لعنب بلدي في حوار سابق، أن مجلس الأعمال قدم للإدارة الأمريكية، منتصف أيلول الماضي، "وثيقة سياسات اقتصادية شاملة"، تضمنت توصيات منها إلغاء الرسوم الجمركية، وتعزيز انفتاح السوق السورية على الاستثمارات الأمريكية.

دمشق تتجه للمطالبة بتخفيضات

بقرار من وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار، في 20 من تشرين الثاني الحالي، تم الإعلان عن تشكيلة مجلس الأعمال السوري-الأمريكي برئاسة عصام زهير غريواتي، وجهاد عبد الجبار سلقيني وعبد الحميد هشام العاقل، نائبين لرئيس المجلس.

وقال المجلس في بيان له عقب صدور التشكيلة الجديدة، إنه يركز حاليًا على أربعة مجالات أساسية من خلال العمل على:

  1. خفض التعرفة الجمركية الأمريكية البالغة %41 على الواردات السورية.
  2. الدفع نحو إلغاء قانون "قيصر" وغيره من القيود الاقتصادية.
  3. جذب الاستثمارات الأمريكية إلى سوريا.
  4. دعم الشركات السورية في تطوير قدراتها للنفاذ إلى الأسواق الأمريكية.

ورأى المجلس أن قرار التشكيل خطوة رسمية تعكس دعم الحكومة السورية لعمله وتعزز جهوده في تطوير الروابط الاقتصادية بين سوريا والولايات المتحدة.

ومنذ عام 2011، تراجعت العلاقات التجارية بين سوريا والولايات المتحدة بشكل حاد، نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري السابق، ما أدى إلى شبه انعدام في التبادل التجاري.

ومع الأحاديث عن قرب إعلان واشنطن عن تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات السورية، يتطلع التجار والصناعيون السوريون والأمريكيون-السوريون إلى استعادة موقع سوريا التصديري، خاصة في القطاعات الغذائية والنسيجية، وسط تحديات تتعلق بالجودة والمواصفات واللوجستيات.

مشاركة المقال: