الإثنين, 24 نوفمبر 2025 12:56 PM

سوريا وإسرائيل: رؤى متضاربة تهدد فرص السلام في الشرق الأوسط

سوريا وإسرائيل: رؤى متضاربة تهدد فرص السلام في الشرق الأوسط

يشهد الشرق الأوسط منعطفًا حاسمًا مع تحول محتمل لسوريا الجديدة من طرف في الصراع إلى شريك في السلام. ومع ذلك، تواجه هذه اللحظة التاريخية تحديًا كبيرًا بسبب النهج التكتيكي الذي تتبناه إسرائيل، والذي قد يضيع فرصة نادرة.

الرؤية السورية: سلام قائم على السيادة والكرامة

تؤكد القيادة السورية أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق على حساب السيادة الوطنية. وقد أوضح وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، هذا الموقف في مقابلة مع مجلة "المجلة" في 20 نوفمبر، حيث صرح بأن "سوريا لن تقبل بأي اتفاق مع إسرائيل ما لم تنسحب القوات الإسرائيلية إلى خط 7 ديسمبر". يرتكز الموقف السوري على مبادئ أساسية:

  • استعادة السيادة الكاملة على كامل الأراضي الوطنية حتى حدود ما قبل 8 ديسمبر 2024.
  • رفض أي وجود عسكري أجنبي.
  • التمسك بوحدة الأراضي السورية ورفض تقسيمها إلى مناطق نفوذ أو كانتونات متنازع عليها.

الرد الإسرائيلي: من الهجوم الشخصي إلى التصعيد الميداني

واجهت إسرائيل الموقف السوري الثابت بهجوم شخصي وتصعيد ميداني. ففي اجتماع للحكومة الإسرائيلية (الكابينت) يوم 21 نوفمبر، شن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هجومًا على الرئيس السوري، وفقًا لتقارير صحفية عبرية، واصفًا إياه بأنه "عاد منتفخًا من واشنطن" و"بدأ في اتخاذ خطوات لا يمكننا قبولها". كما ادعى أن الرئيس الشرع "يريد إحضار قوات روسية إلى الحدود".

تزامن هذا الهجوم مع زيارة قام بها نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس إلى المنطقة العازلة، حيث أشادا بأداء الجنود الإسرائيليين وعززا الوجود العسكري في المناطق المتنازع عليها، وهو ما اعتبرته دمشق استفزازًا واضحًا، بحسب (i24NEWS).

كشف الرئيس الشرع خلال زيارته لواشنطن في التاسع من نوفمبر أن "إسرائيل خرقت اتفاقية الفصل لعام 1974 بعد سقوط النظام السابق"، مشيرًا إلى أنها "زادت من وجودها العسكري، وطردت قوات الأمم المتحدة، وقامت بعدد كبير من الهجمات". وأوضح أن "سوريا لم ترد عسكريًا لأن بلاده تسعى لإعادة بناء نفسها"، مما يعكس النهج البراغماتي الجديد للقيادة السورية، وهو ما تراه الأوساط المعارضة لنتنياهو إيجابيًا.

ملفات الخلاف الجوهرية

تتركز الخلافات بين الطرفين على ثلاثة ملفات رئيسية تعيق أي اتفاق مستقبلي:

  • الانسحاب الإسرائيلي: إصرار سوريا على الانسحاب الكامل من جبل الشيخ والمنطقة العازلة وعمق القنيطرة، ورفض أي وجود عسكري إسرائيلي بعد خط 7 ديسمبر.
  • المطالب الإسرائيلية: رفض دمشق للمطالب الإسرائيلية بنزع السلاح الثقيل من جنوب سوريا وإنشاء ممر بري يصل إسرائيل بمحافظة السويداء.
  • مرتفعات الجولان: قضية مرتفعات الجولان تتصدر المشهد، حيث ترفض سوريا التنازل عن حقها التاريخي والقانوني في هذه الأرض.

معادلة رابح-رابح: نحو سلام شامل

على الرغم من التوترات الحالية، يرى الخبراء أن تحقيق السلام الشامل ممكن، داعين الأطراف إلى تجاوز النظرة التكتيكية الضيقة. يتطلب الاتفاق الشامل إنهاءً رسميًا لحالة الحرب وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة واعترافًا متبادلًا بالسيادة والحدود الدولية. يمكن لسوريا أن تصبح مركزًا للتكامل الإقليمي وجسرًا اقتصاديًا يربط الخليج بتركيا وأوروبا، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والإقليمي.

اختبار الإرادات

لا تزال الفرصة التاريخية للمصالحة بين دمشق وتل أبيب قائمة، لكن التصريحات الأخيرة والتصعيد الميداني يشيران إلى أن الطريق لا يزال صعبًا. الرسالة السورية واضحة من خلال تصريحات الرئيس الشرع ووزير الخارجية الشيباني: إرادة السلام قوية، لكنها ليست على حساب السيادة والكرامة. الآن، يمكن لقادة إسرائيل أن يختاروا أن يكونوا صناع سلام بدلًا من محتلين، وأن يكتبوا مع جيرانهم فصلًا جديدًا في تاريخ المنطقة، عنوانه الكرامة والسلام للجميع.

محمد الحمداني - زمان الوصل

مشاركة المقال: