في دائرة صداقاتي المقربة، توجد صديقة تميل إلى إثارة الفتن، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في إدراكنا لطبيعتها هذه بعد تجارب عديدة. لقد اتفقنا في النهاية على معرفتنا الجيدة بها، وبالتالي فإن أي مشكلة مستقبلية لن تكون هي السبب فيها، بل اللوم سيقع على من يصدقها منا!
سناك سوري-رحاب تامر
أتذكر تلك الصديقة التي رافقتنا خلال سنوات الدراسة الجامعية، والتي فرضت وجودها بيننا، ونحن نشهد قضايا عامة تتكرر بشكل مشابه. وما زلنا ننجر وراءها على الرغم من معرفتنا بنواياها الخفية! آخر هذه الأمثلة، جريمة القتل المأساوية التي أودت بحياة رجل وزوجته في زيدل بحمص، والتي تضمنت كتابات ذات طابع طائفي على الجدران، وكادت أن تشعل فتيل مواجهة دموية لولا تدخل القدر لإنقاذ المدينة من دوامة دماء سورية جديدة.
يتحدث معظم السوريين اليوم عن "مؤامرة" و"محاولة لخلق فتنة". نراهم يتبنون خطاباً يرفض الفتنة والمؤامرة، وهذا أمر جيد. لكن الأمر السيئ هو عندما لا يترجم الكلام إلى أفعال. على سبيل المثال، بدأ الكثيرون في إطلاق خطاب كراهية استناداً إلى العبارات التي وجدت في مسرح جريمة قتل الزوجين، متجاهلين أنها قد تكون مجرد "فخ" أو "فتنة".
أكدت وزارة الداخلية السورية أنها لم تعثر بعد على دليل مادي يثبت أن جريمة زيدل في ريف حمص تحمل طابعاً طائفياً، وأضافت أن «التحقيقات الأولية أظهرت أن العبارات المكتوبة في مسرح الجريمة، هدفها التضليل وإثارة الفتنة الطائفية والتعمية عن المتورطين الحقيقيين».
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا في تصريحات لقناة "الإخبارية" السورية اليوم الإثنين، إن «المعطيات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن الجريمة جنائية، مع وجود محاولات لاستغلالها في إثارة الفتنة». أي أن هناك فرضية قائمة بأن العبارات تهدف إلى التغطية على المتورط الحقيقي، ومع ذلك كادت أن تؤدي إلى حمام دم جديد في البلاد التي بالكاد تستعيد أنفاسها حتى يظهر حدث يعيدها إلى الوراء.
ينطبق الأمر نفسه على ما حدث في جرمانا وصحنايا قبل عدة أشهر، عندما أشعل تسجيل صوتي (مجهول المصدر) فتيل فتنة أدت إلى وقوع ضحايا واشتباكات.
المفارقة الحقيقية في كل ما يحدث، هي أننا نلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لتبرير جرائمنا، فلماذا لا نستخدمه كأداة لوقف التحريض؟ أم أن شهية الموت في هذا البلد لا تضاهيها أي متعة!