كشفت مصادر غربية لـ «الأخبار» أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد حصل على تفويض من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لإدارة حوار يهدف إلى التوسط بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. ويهدف هذا الحوار إلى إنجاز اتفاق بين الجانبين يشمل حلاً لنقاط الخلاف المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وملف العقوبات على طهران.
وأوضحت المصادر أن ابن سلمان قد شرح للرئيس الأميركي أن مثل هذا الاتفاق يمثل ضرورة لضمان الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، معرباً عن مخاوفه من أن تعمد حكومة بنيامين نتنياهو إلى التشويش على هذه المحاولة، وأن تبادر إلى تصعيد عسكري جديد ضد إيران. وتشير المعلومات إلى أن الجانب السعودي قد تواصل مع القيادة الإيرانية بعد انتهاء زيارة ابن سلمان للبيت الأبيض، وتم الاتفاق على عقد لقاء «رفيع المستوى» خلال الساعات الـ 24 المقبلة في باريس بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين، على أن تتبعها اتصالات مكوكية تقودها السعودية بين الجانبين الأميركي والإيراني.
وذكرت المصادر أن ابن سلمان كان قد سأل رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، في آخر اجتماع بينهما في الرياض، عن موقف طهران من مبادرة سعودية تجاه الأميركيين تتعلق بالاتفاق مع إيران، وأن لاريجاني عاد وأرسل له جواباً إيجابياً، لكنه لفت إلى أن طهران ليست في صدد تقديم تنازلات، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية – الأميركية عليها في حزيران الماضي. وبحسب المصادر، فإن الجانب السعودي كان قد بحث مع الأميركيين أيضاً أهمية التفاهم مع إيران، وذلك للمساعدة على إنجاز مصالحة مع اليمن، وهو ما يظهر أنه محل اعتراض الفريق الأميركي الداعم لإسرائيل.
وأكدت المصادر أنها المرة الأولى التي تبدي فيها السعودية أمام الأميركيين مخاوفها من «مجازفة إسرائيلية جديدة تهدف إلى القضاء على أي فرصة للسلام في المنطقة»، مشيرة إلى أن ابن سلمان «توافق مع ترامب، على أن الاستقرار لا يمكن أن يكون قوياً في الشرق الأوسط من دون تفاهم مع إيران، وأن ترامب لم يعارض الفكرة». وفي طهران، أفاد مراسل «الأخبار» محمد خواجوئي بأنه بعد قرار إيران وقف العمل بالاتفاق مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، يعود النقاش حول مستقبل الملف النووي الإيراني، وحول احتمال لجوء الدول الغربية إلى نقله إلى مجلس الأمن الدولي.
واعتبر الدبلوماسي السابق والخبير في السياسة الخارجية، كوروش أحمدي، أن قرار الوكالة الدولية تبني القرار الغربي، ليس له أي آلية تنفيذ مباشرة، ولذا فإن موقف إيران يُعدّ «إجراء تناسبياً». وقال لصحيفة «إيران» الحكومية، إن «عدم ذهاب الدول الغربية إلى مجلس الأمن قد يكون رسالة غربية بفتح نافذة فرصة».
وكتبت صحيفة «فرهيختكان» الأصولية في تحليل حول قرار مجلس المحافظين ضد إيران أنه «رغم أن هذا القرار لم يتضمن إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، لكنه يُظهِر أن الجانب الغربي يسعى للمرور مرور الكرام على حرب الـ 12 يوماً، وتجاهل حقيقة أن الوضع الحالي، هو حصيلة قتل أكثر من ألف إيراني واستهداف المنشآت النووية المشروعة التي كانت تخضع لمراقبة الوكالة الدولية. وفي هذا التقرير، لم يشر المدير العام للوكالة الدولية، ولو أدنى إشارة إلى استهداف هذه المراكز». وتابعت أن «المطالب التي يطرحها الجانب الغربي حول تفتيش المنشآت النووية الإيرانية التي قُصفت، وكذلك حول 400 كيلوغرام من اليورانيوم العالي التخصيب، تُظهر أن سياسة الغموض النووي التي تعتمدها إيران، كانت مؤثّرة إلى حدّ الآن، ويجب أن يستمر التوجه الإيراني الحازم، لكي يضطر الجانب الغربي إلى الاعتراف رسمياً بتغيير تعاطيه مع الملف النووي الإيراني بعد الحرب الأخيرة، وأن يجلس للتفاوض بشأن كيفية دفع ثمن أخطائه».
أمّا صحيفة «جام جم» التابعة لـ «هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية»، فقد أشارت إلى أنه «مع الإعلان رسمياً عن انتهاء مفعول اتفاق القاهرة، فإن التعاون بين طهران والوكالة سيعود إلى أدنى مستوياته منذ الانسحاب الأميركي من خطة العمل الشاملة المشتركة، عام 2018. وهذا يعني أن وصول مفتشي الوكالة الدولية إلى المنشآت النووية الإيرانية سيكون مُقيّداً بالحد الأدنى القانوني (فقط على أساس اتفاقات الضمانات)، كما أن بعض أعمال المراقبة التي كانت مُقرّرةً ممارستها بما يتناسب مع أجواء ما بعد الحرب، زالت فعلياً، وأن تقديم طهران التقارير بشأن إنتاج المواد النووية ومخزوناتها منها، سينخفض إلى الحد الأدنى الممكن». وأضافت الصحيفة أن «التصديق على هذا القرار قضى على جميع الإنجازات الدبلوماسية التي تحقّقت في الأشهر الخمسة الماضية، وزاد من الشكوك حول مصداقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بوصفها مؤسسة فنية ومحايدة».
وفي السياق، اعتبر رئيس كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة طهران، إبراهيم متقي، أن قرار مجلس المحافظين، مؤشّر آخر على إدراج «دبلوماسية الإجبار» ضد إيران على جدول الأعمال. وقال في مقال نُشر في صحيفة «اعتماد» إنه «يمكن اعتبار قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمنزلة مانيفيستو التهديد ضد الضرورات الأمنية والاستراتيجية للجمهورية الإسلامية». وأضاف أن «المسارات المفروضة على إيران، تعني أن المؤسسات المهيمنة في النظام العالمي، بصدد وضع طهران أمام القيود البنيوية والاستراتيجية. وأن المنظمات الدولية بوصفها أدوات عند أركان النظام العالمي، بصدد فرض إرادتها وأهدافها وأسلوبها على إيران. وهذا ما يتعارض مع الاتفاقات المُبرمة مع الأخيرة دولياً. ورغم أنها لا تملك شرعية حقوقية، لكنها سؤثّر سلباً على إيران».