الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 01:31 PM

خطة السلام لأوكرانيا: هل تدفع بولندا الثمن؟ مخاوف من تفاوض روسيا وأمريكا على حساب أمن أوروبا

خطة السلام لأوكرانيا: هل تدفع بولندا الثمن؟ مخاوف من تفاوض روسيا وأمريكا على حساب أمن أوروبا

جورج عيسى

في قلب المقترحات، دُفنت نقطة ربما كانت مقصودة، لكن الطرف المعنيّ لم يغفل عنها. في النقطة التاسعة من خطة واشنطن للسلام بين روسيا وأوكرانيا، وردت إشارة إلى أن "المقاتلات الأوروبية ستُنشر في بولندا".

التحليل الروسي البديهي، إذا سُمّيت المقاتلات الأوروبية بشكل صريح، هو: لا مقاتلات أميركية في بولندا. وإذا كانت روسيا، صاحبة اللغة المشاركة في التوقيع، هي التي تحدد من وما الذي يُنشر هنا، فهي أيضاً صاحبة الكلمة الفصل في الأمن الجوي الأطلسي في البلطيق وسائر الجناح الشرقي لحلف الناتو.

رجل يحمل العلمين الأوكراني والبولندي أمام مقر للديبلوماسيين الروس في وارسو (أب 2022)
رجل يحمل العلمين الأوكراني والبولندي أمام مقر للديبلوماسيين الروس في وارسو (أب 2022)

قد يرى البعض في تحليل ستيوارت دويل، الناشر السياسي في شبكة "تي في بي وورلد" البولندية، مبالغة. ففي النهاية، قد لا يحتمل نشر المقاتلات الأوروبية في بولندا تفسيراً يتخطى فكرة عدم نشر تلك المقاتلات في أوكرانيا.

لكن حتى هذا التفسير الضيق يعني أن روسيا والولايات المتحدة تتفاوضان بالنيابة عن أوروبا بشأن أمنها. وعلى أي حال، لم يكن قلق دويل شعوراً شخصياً وحسب.

ثلاث مرات، ومنذ تسريب خطة السلام، حذّر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، عبر موقع "إكس"، من مخاطر المقترح على بلاده. ففي 21 تشرين الثاني/نوفمبر، كتب توسك: "كل القرارات المتعلقة ببولندا سيتخذها البولنديون. لا شيء عنّا بدوننا… لا شيء عن أوكرانيا بدون أوكرانيا".

وفي اليوم التالي، وبعد اتصاله بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أضاف توسك: "لا تستطيع روسيا فرض شروطها على أوكرانيا أو أوروبا. كل ما يتعلق ببولندا يجب تسويته مع الحكومة البولندية".

ويوم الأحد، وبعدما أعرب عن جاهزيته للعمل على الخطة بالرغم من التحفظ، ذكر توسك أن "من الجيد معرفة من هو صاحب الخطة وأين صيغت"، في تلميح إلى أن روسيا هي صاحبة الفكرة.

بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والمخاوف التي رافقت سياساته، لم تُفلت بولندا من الأجواء السلبية التي هيمنت على أوروبا. لم يشفع لها إنفاقها أكثر من 2 في المئة من ناتجها القومي على الدفاع (4.7 في المئة عن 2025)، أو أنها دولة يحكمها اليمين إلى حدّ كبير. كذلك، لم يشفع لها علاقتها التاريخية الجيدة مع الولايات المتحدة، أو شراؤها أسلحة أميركية بالمليارات.

"سنأكل العشب"

خضعت بولندا للسيطرة الروسية، بشكل منفرد أو مشترك، طوال أكثر من قرن، حتى إنها "اختفت" عن الخريطة منذ أواخر القرن الثامن عشر حتى بدايات القرن العشرين. وكانت ضحية اتفاق بين السوفيات والنازيين سنة 1939 لتقاسم أراضيها. من هنا، يمكن فهم كلام وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي حين قال قبل نحو أسبوعين إن البولنديين "سيأكلون العشب عوضاً عن أن يصبحوا مستعمرة روسية".

كان هذا الكلام المجازي مقتبساً بتصرف عن كلام رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق ذو الفقار علي بوتو الذي قال إن الباكستانيين سيأكلون العشب للحصول على قنبلتهم النووية.

تأرجح كلام ترامب بين توجيه إنذار أخير لأوكرانيا كي تقبل الخطة بحلول الخميس، وبين اعتبار أن الخطة قابلة للنقاش. وفي أيلول/سبتمبر، تعهد ترامب أمام نظيره البولندي كارول نافروتسكي الوقوف بجانب بولندا "على طول الطريق".

لكن تصوّر "طولِ الطريق" مختلف بين العاصمتين. وعلى أيّ حال، ليس معروفاً عن ترامب نَفَسُه الطويل، إلا في مسعاه نحو "نوبل". من كان ليتخيّل، قبل أشهر، أن ثمة ترابطاً ما بين جائزة ترامب المنتظرة، واحتمال دفع الحلفاء إلى "أكل العشب".

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: