الخميس, 27 نوفمبر 2025 10:21 AM

دمشق تختنق بالسيارات المهجورة: أزمة مواقف وازدحام مروري وتدهور حضري

دمشق تختنق بالسيارات المهجورة: أزمة مواقف وازدحام مروري وتدهور حضري

تعاني العاصمة دمشق منذ سنوات من أزمة متفاقمة تتمثل في انتشار السيارات المهجورة في الشوارع والمواقف العامة. هذه المشكلة لا تقتصر على تشويه المنظر العام للمدينة، بل تتعداها لتؤثر بشكل كبير على حركة المرور، وتوفر أماكن الاصطفاف، وحتى الإحساس بالنظافة والأمان في الأحياء السكنية.

أفاد سكان من مناطق مختلفة لـ«» بأن وجود هذه المركبات لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبح جزءاً من المشهد اليومي الذي يزداد سوءاً في ظل غياب حلول فعالة من الجهات المعنية.

مشاهدات ميدانية تكشف حجم المشكلة

خلال جولة لمراسل «» في أحياء المزة والبرامكة والعباسيين وأجزاء من وسط المدينة، اتضح أن العشرات من السيارات المهجورة تحتل الأرصفة والمساحات المخصصة للمواقف. بعض هذه السيارات مغطى بطبقات سميكة من الغبار وأوراق الشجر المتراكمة، بينما تظهر على البعض الآخر آثار حوادث أو حرائق أو تآكل، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام بشكل نهائي.

في منطقة المزة تحديداً، ذكر أبو سالم لـ«» أنه يضطر في المساء للبحث طويلاً عن موقف لسيارته، في حين أن سيارات قديمة ومهجورة تشغل أماكن يمكن استغلالها لحل جزء من أزمة الاصطفاف. وأضاف أن بعض هذه السيارات "لم تتحرك منذ سنوات طويلة ولم تُمسّ حتى بإنذار واحد".

وفي البرامكة، تظهر في بعض الأزقة سيارات مهملة تحولت إلى نقاط تجمع للنفايات. وتشتكي أم وائل لـ«سوريا 24» من سيارة مهجورة بالقرب من مدخل الحي، قائلة إن وجودها أصبح مصدر إزعاج حقيقي للسكان، حيث تتجمع حولها الأوساخ والحشرات والروائح الكريهة، ومع ذلك لا تتحرك الجهات المختصة لإزالتها.

أما في العباسيين، فيشير سكان المنطقة إلى أن بعض المركبات المتروكة تبدو وكأنها "منسية منذ زمن طويل". ويذكر أحمد، الموظف الحكومي، لـ«» أن هناك سيارات لا يعرف أحد أصحابها، وأصبحت تشغل المواقف لسنوات بينما يبحث السكان يومياً عن مكان لركن سياراتهم دون جدوى.

اختناق مروري ومخاطر إضافية

لا يقتصر تأثير السيارات المهملة على حجز المواقف فقط، بل تتسبب أيضاً في عرقلة واضحة لحركة المرور، خاصة في الشوارع الضيقة أو تلك التي تتطلب حركة سلسة لوسائل النقل العام. ففي منطقة التجارة، يقول سائق السرفيس أبو عدنان لـ«سوريا 24» إن وجود سيارات معطلة على جوانب الطرق يجبر السرافيس على الالتفاف في مساحات ضيقة، مما يخلق اختناقات مرورية متكررة، خاصة خلال ساعات الذروة.

ويلاحظ مراسل «» أن بعض هذه السيارات المتروكة موجود بالقرب من منشآت حكومية ومدارس وأسواق رئيسية، مما يزيد من الازدحام في هذه النقاط الحيوية، ويضطر المارة أحياناً إلى السير في أجزاء من الطريق بسبب احتلال الأرصفة.

الإهمال الحضري وتأثيره على السلامة العامة

يتحدث السكان أيضاً عن شعور متزايد بالإهمال الحضري نتيجة لانتشار هذه المركبات. ففي حي ركن الدين، تقول ليلى لـ«» إن وجود سيارة مهجورة بالقرب من المبنى تحول إلى مصدر قلق للسكان، خاصة في الليل، إذ تبدو السيارة كمكان مظلم ومهمل قد يشكل بيئة غير آمنة للأطفال أو المارة.

ويشير السكان إلى أن بعض السيارات أصبحت بؤراً لتجمع الحشرات، مما قد يؤدي إلى مشكلات صحية في بعض الحالات.

القوانين موجودة… لكن التنفيذ غائب

على الرغم من وجود قوانين بلدية تسمح بسحب السيارات غير المستخدمة بعد توجيه الإنذارات، إلا أن التطبيق الفعلي لهذه الإجراءات شبه معدوم. فلا تُرى ملصقات إنذار على السيارات المتروكة، ولا تُلاحظ أي حملات ممنهجة من قبل الجهات المختصة.

ويرى السكان أن غياب أي تحرك رسمي يشجع على استمرار المشكلة، خاصة مع ترك البعض سياراتهم بسبب عدم القدرة على إصلاحها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

مطلب واسع بحل جذري

يطالب سكان العاصمة عبر «» بإطلاق حملة شاملة تتضمن حصر المركبات المتروكة وتحديد مالكيها، ثم إزالة المهمل منها أو نقلها إلى ساحات الحجز. ويؤكد السكان أن معالجة هذه الظاهرة ستوفر مواقف إضافية، وتخفف الضغط المروري، وتحسن المشهد البصري للمدينة، وتعيد قدراً من النظام والنظافة للأحياء السكنية.

كما يأمل السكان في أن تترافق هذه الخطوة مع تنظيم أفضل للمواقف، وتشجيع بدائل النقل، وتنفيذ حملات دورية لمنع تكرار المشكلة في المستقبل.

مشاركة المقال: