رحاب الإبراهيم: مع بداية أول موجة برد قارس، اتجهت العائلات في أرياف حماة إلى تجهيز المدافئ، خاصةً مدافئ الحطب. في المقابل، فضلت بعض العائلات استخدام المازوت للتدفئة بعد انخفاض سعره، على الرغم من ارتفاع تكلفته مقارنةً بالدخول الشهرية المحدودة، حتى مع الزيادة الأخيرة. تحتاج العائلة إلى ما لا يقل عن ٢٠٠ لتر من المازوت، أي ما يقارب مليوني ليرة سورية، مما يجعل الحطب الخيار الأكثر واقعية لأصحاب الدخل المحدود، خاصةً سكان الأرياف، حيث يمكنهم تأمينه بأنفسهم في كثير من الأحيان دون الحاجة إلى الشراء، مما يخفف من أعبائهم المعيشية ويوفر دفئًا أكبر للمنازل، مع ضرورة الابتعاد عن القطع الجائر للأشجار لما له من أضرار.
رصدت "الحرية" أوضاع العائلات في أرياف حماة، وتحديدًا منطقة مصياف، للوقوف على تكلفة تأمين شتاء دافئ يتناسب مع الأجور الشهرية. تحتاج العائلة وسطياً إلى حوالي ٧ ملايين ليرة سورية لتغطية هذه النفقات، من تأمين المدفأة ومستلزماتها، إضافةً إلى المازوت والحطب، اللذين يتم استخدامهما بأقل قدر ممكن حسب الإمكانات المتاحة. تتراوح أسعار المدافئ، سواء كانت تعمل على الحطب أو المازوت، بين ٤٥٠ ألف ليرة ومليوني ليرة حسب نوعيتها وجودتها، ومستلزماتها بين ١٥٠ ألف ليرة و ٢٠٠ ألف ليرة. لجأت العديد من العائلات إلى شراء المدافئ المستعملة أو إصلاح وإعادة تأهيل المدافئ الموجودة لديها، بهدف تخفيف التكاليف المادية قدر الإمكان. كما تحتاج العائلة وسطياً إلى حوالي مليون ليرة لتأمين الحطب اللازم للتدفئة، وحوالي مليوني ليرة لسعر المازوت، مع التقنين في استخدامه لضمان الحصول على قدر من الدفء، لأن الحاجة الفعلية تتطلب دفع أكثر من ٤ ملايين ليرة لشراء المازوت فقط.
تؤمن عائلات كثيرة مستلزمات التدفئة كالسجاد من الأقارب، في ظل ارتفاع الأسعار، أو تكتفي بما لديها، باعتبار أن ما تجنيه يُصرف على المستلزمات المعيشية الأساسية من طعام وشراب وملبس. تؤكد السيدة الستينية تجرى الحسن أنها، رغم حاجتها إلى شراء مدفأة حطب جديدة، إلا أن ضيق الحال دفعها إلى الاكتفاء بالمدفأة القديمة بعد إصلاحها، مع تأمين الحطب من كروم التين والزيتون التي تملكها أو من الحراج في حال وجود أغصان يابسة، دون شراء أي كمية، حيث لا يوجد غير راتب زوجها التقاعدي، الذي بالكاد يكفي المستلزمات المعيشية الأساسية.
في حين أشارت نعيمة أحمد، أم لخمسة أبناء، إلى شراء حطب بقيمة تتجاوز المليون ليرة سورية منذ أيام الصيف، حينما كان يباع بقرابة ٥٠٠ ليرة للكيلو الغرام الواحد، واليوم ارتفعت قيمته إلى الضعف تقريباً بسبب زيادة الطلب عليه، مبينة أن ارتفاع تكاليف المعيشة، ومنها مستلزمات الشتاء، جعلها تفكر في التقنين في استخدام حطب التدفئة كي لا تضطر إلى شراء المزيد منه، فقدرتها المادية لا تمكنها من تحمل المزيد من الأعباء.
برر تجار المدافئ غلاء الأسعار التي تقارب أسعار العام الحالي، بارتفاع سعر الصرف حتى لو كانت المدافئ مخزنة من العام الفائت، حيث سيضطر التاجر عند انتهاء بضاعته إلى شراء بضاعة جديدة حسب سعر الصرف، ما يستلزم التحوط تجنباً للخسارة، حسب ما يبين محمد سليم، صاحب محل في مصياف، الذي بين انخفاض المبيعات خلال هذه الفترة بسبب ضيق أحوال أغلب المواطنين، بينما يتحرك البيع قليلاً في بداية الشهر كما يتوقع عند قبض الرواتب، مشيراً إلى أن المضطر سيشتري مدفأة حسب قدرته المادية، فالشتاء طويل ولا يمكن الاستغناء عن تدفئة البيوت الباردة وخاصة إذا كان هناك أطفال أو كبار السن في العائلة.
في حين يشكو التاجر ابراهيم عفيف من قلة البيع في ظل تفضيل أغلب المواطنين شراء مدافئ مستعملة بأسعار تناسب مقدرتهم الشرائية، مبيناً أن العمل ببيع مستلزمات الشتاء ومنها المدافئ موسمي، فإذا لم يكن الطلب جيداً مع تحقيق هامش ربح معقول ستكون الخسارة من نصيب من يعمل بهذه المصلحة.
اخبار سورية الوطن 2_الحرية