الإثنين, 1 ديسمبر 2025 05:36 PM

مزارعو التبغ في سوريا يطالبون بزيادة الدعم وتنفيذ الوعود لإنقاذ المحصول

مزارعو التبغ في سوريا يطالبون بزيادة الدعم وتنفيذ الوعود لإنقاذ المحصول

رولا عيسى: يواجه محصول التبغ تحديات كبيرة في سوريا، حيث تتضارب الاهتمامات الرسمية المتزايدة مع الصعوبات التي يعاني منها المزارعون. ففي حين تصف المؤسسة العامة للتبغ المحصول بأنه من بين الأفضل في العالم، يشهد الإنتاج تراجعاً مستمراً بسبب عوامل متعددة.

تتركز جهود المؤسسة حالياً على الإسراع في استلام المحصول، وتوسيع نطاق مراكز الاستلام، وتقديم الدعم للمرخصين الجدد، وذلك في محاولة لتهدئة المزارعين وتخفيف مخاوفهم. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن جوهر المشكلة أعمق من ذلك بكثير.

يرى الخبير الزراعي ومؤسس مبادرة المشاريع الأسرية، أكرم عفيف، أن الإجراءات الإدارية وحدها لن تحقق تقدماً ملموساً ما لم يتم معالجة مشكلة تأخر صرف المستحقات واستغلال التجار. ويشير إلى انخفاض كبير في نسبة الزراعة هذا العام، على الرغم من استعداد العديد من المزارعين للموسم الثاني، مما يعكس حجم الأزمة. ينتقد عفيف أيضاً سياسة التسعير، مشيراً إلى التناقض بين جودة التبغ السوري، الذي تصنف سوريا ضمن أفضل خمس دول منتجة له عالمياً، والأسعار المنخفضة التي يحصل عليها المزارع.

ويتساءل: كيف كانت الوزارة تصدر التبغ بسعر 75 ألف ليرة للكيلوغرام (وفقاً لتصريحات سابقة)، بينما كانت تستلمه في عهد النظام السابق ببضعة آلاف فقط؟ وهو ما يشير، بحسب قوله، إلى أن الفساد يلتهم قيمة المحصول قبل وصوله إلى الأسواق العالمية.

ويؤكد أن "الاستلام الفوري خطوة مهمة، لكنها غير مجدية إذا لم يحصل المزارع على مستحقاته على الفور"، مضيفاً أن تأخر الدفع دفع التجار إلى شراء المحصول بنصف قيمته، مما كبد المزارعين خسائر متراكمة على مدى مواسم عديدة. ويوضح عفيف أن هذا الاستغلال يجبر المزارع، الذي تكبد خسائر في السنوات السابقة، على بيع محصوله بسبب حاجته إلى السيولة، مما يديم حلقة مستمرة من الخسائر والإحجام عن الزراعة.

على الرغم من أن المؤسسة العامة للتبغ هي الجهة التنفيذية، إلا أن خطط المساحات الزراعية تأتي من وزارة الزراعة. وتكشف هذه التقديرات عن تراجع مستمر في الاهتمام بزراعة التبغ. فخطة 2024-2025 في طرطوس نصت على تخصيص 3000 هكتار بعل و300 هكتار سقي، وهي أرقام مماثلة للعام السابق دون أي توسع.

وتظهر الأرقام الأقدم حجم التراجع: ففي السنوات السابقة، كانت المساحة المخطط لها تبلغ 8678 هكتاراً، بينما لم تتجاوز المساحة المزروعة فعلياً منتصف عام 2025 حدود 3666 هكتاراً، أي بنسبة تنفيذ 42 بالمئة فقط.

يعكس هذا الانخفاض الحاد عزوف المزارعين بسبب ارتفاع التكاليف والجفاف وعدم نجاح الزراعة في العديد من المحافظات، مما يهدد مستقبل محصول يعتبر استراتيجياً.

يقول المزارعون الذين التقتهم "الثورة السورية" إن الخسارة أصبحت عنوان الموسم. ويضيف بسام حمود، وهو مزارع من ريف اللاذقية: "نستعد للموسم الثاني أملاً في التحسن، لكن تأخر الاستلام والدفع يقضي على هذا الأمل. كيف أزرع وأنا لم أقبض ثمن محصول العام الماضي؟ التاجر يشتري بنصف القيمة لأننا بحاجة إلى السيولة لتأمين لقمة العيش".

أما نعمة رزوق من القدموس بريف طرطوس، فتشير إلى أن "دعم المرخصين الجدد جيد، لكن القدامى أثقلتهم الديون. نحتاج إلى دعم حقيقي في مستلزمات الإنتاج؛ الأسمدة والمحروقات أصبحت كابوساً. وإذا لم يرتفع سعر الشراء ليغطي التكلفة، فسوف نتخلى عن هذه الزراعة الاستراتيجية".

بعد التحرير، يعلق العديد من المزارعين آمالاً على أن يكون موسم 2025 "أول موسم يحصل فيه التبغ على حقه" بعد سقوط النظام السابق. ويشدد الخبير عفيف على أن المزارعين يحتاجون إلى الدفع الفوري والكامل للمستحقات، وتسعيرة عادلة مرتبطة بقدر من السعر العالمي، وتأمين مستلزمات الإنتاج بجودة عالية وفي الوقت المناسب. ويؤكد أن الفجوة السعرية الحالية هي أكبر عقبة أمام تحفيز المزارعين.

حددت الحكومة أسعار شراء التبغ لموسم 2024-2025 على النحو التالي: البصما: 32,000 ليرة للكيلوغرام، التنباك: 24,000 ليرة، البرلي: 23,000 ليرة. وعلى الرغم من أنها شهدت ارتفاعاً عن المواسم السابقة، إلا أنها، وفقاً لعفيف، لا تزال بعيدة عن الواقع، خاصة وأن أسعار السوق الموازية تتراوح بين 150 إلى 200 ألف ليرة للكيلوغرام.

ومع استمرار التضخم وتراجع الإنتاج، يخشى خبراء القطاع من وصول أسعار السوق الموازية إلى مستويات جديدة، مما يزيد الضغط على المؤسسة لرفع أسعار الشراء الرسمية بشكل جذري. فاستمرار الفجوة السعرية، إلى جانب تأخر الدفع، يهددان مستقبل المحصول، مما يتطلب تحويل الوعود إلى إجراءات حقيقية تحمي المزارع وتقضي على الفساد.

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

مشاركة المقال: