استجابةً للاهتمام المتزايد من الشركات بالاستثمار في سوريا بعد تخفيف العقوبات الغربية لدعم إعادة الإعمار، وضعت بريطانيا قواعد جديدة للشركات والبنوك التي تفكر في الاستثمار هناك. وتسعى سوريا إلى إعادة إعمارها بعد سنوات من الصراع.
في أعقاب الإطاحة بالنظام السابق، قامت بريطانيا والولايات المتحدة بتخفيف العقوبات وتقديم المشورة للشركات المهتمة بالاستثمار. ووفقًا لتوجيهات نشرتها رويترز، أعربت الحكومة البريطانية عن دعمها "للشركات التي تستثمر وتتاجر وتعمل في سوريا، حيثما يكون هذا النشاط متوافقاً مع التشريعات البريطانية، وحيثما تكون الوجهة النهائية هي سوريا".
وشددت الحكومة البريطانية على أهمية الامتثال لقانون العقوبات، وضوابط التصدير، وقواعد مكافحة غسل الأموال، وحددت مسارات الترخيص، بما في ذلك التراخيص العامة والإعفاءات الإنسانية. ومع ذلك، حذرت من المخاطر الجسيمة، بما في ذلك الفساد والتهرب من العقوبات.
وكانت بريطانيا قد رفعت العقوبات القطاعية في نيسان، وأعادت فتح قطاعات الطاقة والنقل والتمويل، بينما أنهت واشنطن برنامج عقوباتها على سوريا في حزيران بموجب إعفاءات جديدة. كما خفف الاتحاد الأوروبي من الإجراءات المرتبطة بإعادة الإعمار.
وتوقع تقرير للبنك الدولي أن تبلغ تكلفة إعادة إعمار سوريا 216 مليار دولار، واصفًا الرقم بأنه "أفضل تقدير متحفظ".
قرار بريطانيا بوضع قواعد واضحة للتعامل التجاري مع سوريا يمثل تحولاً مهماً في البيئة الاقتصادية الإقليمية والدولية المحيطة بالبلاد. فتحديد إطار قانوني يسمح للشركات بالعمل، ولو بشروط، يعني أن السوق السورية باتت تُنظر إليها كوجهة محتملة للاستثمار لقطاع الأعمال الأوروبي، لا كمنطقة مغلقة أو عالية المخاطر كما كان الحال خلال السنوات الماضية.
هذا القرار يمنح إشارة ثقة أولية بأن مرحلة إعادة الإعمار بدأت تتحول إلى ملف اقتصادي قابل للنقاش الدولي، وليس مجرد عنوان سياسي. ويمكن أن يشجع شركات أوروبية وآسيوية على دراسة الفرص المتاحة في قطاعات الطاقة والنقل والخدمات المالية، وهي قطاعات تشكل العمود الفقري لأي تعافٍ اقتصادي.
الأهمية الأكبر تكمن في أن القرار يرسل رسالة إلى المستثمرين مفادها أن البيئة التنظيمية في سوريا قابلة للتطوير، وأن الإصلاحات الحكومية يمكن أن تجذب رأس المال الأجنبي إذا ترافق ذلك مع شفافية أكبر وضمانات حقيقية. ويمكن لسوريا استثمار هذه الإشارات الدولية بذكاء، حيث هذا القرار بداية لمرحلة جديدة تتوسع فيها الشراكات الأجنبية وتتحسن فيها قدرات الاقتصاد السوري على تمويل إعادة البناء واستعادة النشاط الإنتاجي.
محمد راكان مصطفى