الخميس, 4 ديسمبر 2025 03:38 PM

خارطة طريق جديدة: استثمارات واعدة تنتظر قطاع الأسمنت السوري

خارطة طريق جديدة: استثمارات واعدة تنتظر قطاع الأسمنت السوري

أعلنت الشركة العامة لصناعة وتسويق الأسمنت ومواد البناء (عمران) عن استكمال الخارطة الاستثمارية لقطاع الأسمنت في سوريا، والتي تعتمد على الشراكات مع مستثمرين محليين وإقليميين.

أوضح مدير عام الشركة، محمود فضيلة، في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا) أن شركة “عمران” قامت خلال الفترة الماضية بطرح جميع المعامل التابعة لها للاستثمار والتشغيل. وأضاف أنه تمت دراسة عروض من عشرات الشركات من داخل وخارج سوريا، وتم اختيار العطاءات الأكثر جدوى فنيًا وماليًا، مع الحفاظ على الأصول التي ستعود إلى الدولة بعد انتهاء فترات الاستثمار، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ورفع القدرة التنافسية للمنتج السوري.

وكشف فضيلة عن استثمار معمل “طرطوس” من قبل شركة إماراتية، ومعمل “الرستن” من قبل شركة محلية، بالإضافة إلى استثمار معمل “حماة” من قبل شركة “فيرتكس” العراقية، التي ستقوم بتأهيل خط الإنتاج الثالث ليصل إنتاجه إلى عشرة آلاف طن يوميًا خلال خمس سنوات. ولا يزال معملا “المسلمية” المدمر في حلب و”عدرا” بريف دمشق مطروحين للاستثمار.

يشهد قطاع الأسمنت في سوريا نشاطًا استثماريًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، مع دخول شركات عربية وخليجية لتأهيل وتطوير معامل الأسمنت الحكومية والخاصة، وتأهيل الكوادر، في ظل الحاجة المتزايدة لهذه المادة الأساسية لإعادة الإعمار وترميم البنى التحتية والمنازل.

يأتي طرح معامل الأسمنت للاستثمار ضمن خطة لتعزيز البنية التحتية الصناعية، ورفع كفاءة الإنتاج وتأهيل الكوادر. وأشار فضيلة إلى أهمية تحقيق توازن بين الجدوى الاقتصادية ومتطلبات حماية البيئة، خاصة في المناطق التي شهدت ارتفاعًا في نسب التلوث.

تعتبر صناعة الأسمنت من الصناعات الأساسية في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، خاصة مع الدمار الكبير الذي أصاب البنية التحتية وقطاع البناء، بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش.

واجهت صناعة الأسمنت العديد من المشكلات، أهمها ارتفاع تكلفة الوقود، وتكاليف الصيانة، وصعوبة تأمين قطع التبديل، بالإضافة إلى معوقات تتعلق بتسويق وتوزيع المادة، وتضارب القرارات المتعلقة بالمخططات التنظيمية وضوابط البناء، ومشكلة التلوث والأثر البيئي.

وأضاف عياش أن صناعة الأسمنت في سوريا تتمتع بمزايا تنافسية، أهمها توفر المواد الأولية، حيث توجد خامات الأسمنت الرئيسة (الحجر الكلسي، البازلت، اللاتيريت) في مواقع متجاورة، وتكفي احتياطيات هذه الخامات لصناعة الأسمنت بطاقة خمسة ملايين طن سنويًا لمدة 75 عامًا.

من جانبه، بين مدير مؤسسة الإسمنت، لوكالة “سانا”، أن قطاع الإسمنت يواجه تحديات تتعلق بتأمين مادة الفيول اللازمة لتشغيل الأفران، ما دفع المستثمرين إلى إنشاء مجموعات تشغيل تعتمد على الفحم خلال مدة انتقالية تقدر بعام واحد، يتم خلالها استيراد مادة “الكلينكر” من دول مثل السعودية وتركيا والعراق، لضمان توفير الإسمنت في السوق المحلية وفق المواصفة القياسية السورية.

يرى الخبير الاقتصادي، الدكتور مجدي الجاموس، أن توجه الحكومة الانتقالية في سوريا نحو استقطاب بعض الدول العربية والإقليمية يأتي في إطار تفاهمات سياسية، ما يجعل بعض المعامل ذات الأهمية الاقتصادية تُطرح كجوائز ترضية لهذه التفاهمات. وأشار إلى أن الحكومة تسعى نحو تكوين اقتصاد استثماري وبيئة جاذبة لرؤوس الأموال الخارجية، بمعزل عن الواقع المتردي للبنية التحتية، أكثر من اعتمادها على الإنتاج المحلي أو ترميم المؤسسات القائمة.

ويعتبر الجاموس أن طرح معامل الأسمنت للاستثمار خطوة إيجابية، بالنظر إلى الحاجة الكبيرة لهذه المادة في مرحلة إعادة الإعمار، إذ يقدّر الطلب على الأسمنت في السوق السورية من 10 إلى 15 مليون طن سنويًا، ولا يغطي الإنتاج المحلي مع المستورد سوى أقل من 50% من هذه الحاجة.

وأكد الجاموس أهمية أن تتضمن الاتفاقيات الاستثمارية مع الشركات العربية والأجنبية الحفاظ على الخبرات السورية وإعادة تأهيلها، ودمجها مع الخبرات الأجنبية، لتكون جزءًا فاعلًا في المرحلة المقبلة، والحفاظ على إنتاجية ما تبقى من معامل أسمنت تتبع للقطاع العام الحكومي.

يعتقد الخبير الاقتصادي مجدي الجاموس، أن ارتفاع الطلب على مادة الأسمنت في سوريا لن يؤثر بشكل كبير على ارتفاع سعره في السوق، بسبب عوامل عديدة، أهمها أن الطلب المتزايد قادر على استيعاب أي تغيرات سعرية، ووجود استيراد من دول مجاورة يفرض سقفًا معينًا للأسعار، ودخول بعض المعامل إلى الاستثمار سيخلق حالة تنافسية جديدة، ما يساعد على ضبط الأسعار أو حتى خفضها.

رغم التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الأسمنت في سوريا، فإن المرحلة المقبلة قد تكون أكثر استقرارًا وكفاءة، من خلال الاعتماد على شراكات استراتيجية واستثمارات مدروسة، مع التركيز على الكوادر المحلية كركيزة أساسية لاستدامة القطاع ودوره الحيوي في مرحلة إعادة الإعمار.

مشاركة المقال: