بقلم وزير الإعلام حمزة المصطفى: يقوم أعضاء مجلس الأمن الدولي بزيارة رسمية إلى دمشق اليوم، وهي الأولى من نوعها، وتحمل دلالات رمزية وسياسية عميقة، تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتحرير سوريا ودخولها مرحلة التعافي بعد الصراع.
يشير هذا التوقيت إلى اعتراف متزايد باستقرار سوريا ووحدة أراضيها، وإلى قناعة دولية بقدرة الدولة السورية على إدارة عملية التعافي الوطني بشكل مستقل.
تكتسب هذه الزيارة أهمية إضافية لكونها ثمرة إجماع نادر بين أعضاء مجلس الأمن حول الملف السوري، بعد سنوات طويلة من الانقسام الحاد.
يعكس هذا التوافق قبولاً عملياً بالواقع السوري الجديد، واستعداداً لإعادة الانخراط مع سوريا كدولة ذات سيادة، وفاعل منظم في بيئتها الإقليمية، لا مجرد موضوع لأجندات الأزمات الدولية.
في السياق ذاته، تمثل الزيارة فرصة لمجلس الأمن لمحاولة استعادة جزء من الثقة المفقودة لدى السوريين، بعد عجزه لسنوات عن وضع حد للعنف والانتهاكات التي تعرض لها البلد.
يتيح الحضور المباشر في دمشق لأعضاء المجلس إعادة معايرة فهمهم لطبيعة المرحلة الراهنة، عبر التواصل مع مؤسسات الدولة، والاطلاع على الوقائع الميدانية بعيداً عن الصور النمطية التي تكرست في ذروة الصراع.
تأتي الزيارة أيضاً في أعقاب عدوان إسرائيلي آخر على الأراضي السورية، ما يضفي على الحدث بعداً واضحاً يتعلق بالتأكيد على سيادة سوريا واحترام القانون الدولي.
يمكن قراءة اختيار هذا التوقيت كإشارة سياسية إلى أولوية صون وحدة الأراضي السورية، ورفض الاعتداءات المتكررة، إضافة إلى التأكيد على ضرورة منع أي تصعيد جديد من شأنه تهديد استقرار المنطقة.
تتركز الرسالة الجوهرية للزيارة حول انتقال سوريا من منطق إدارة الصراع إلى منطق التعافي وإعادة البناء. فالمداخل الأساسية للمرحلة الراهنة تتمثل في إعادة الإعمار والنمو والتنمية الاقتصادية، واستعادة الخدمات الأساسية، وترسيخ الاستقرار، وتهيئة ظروف عودة النازحين والمهجرين، إلى جانب إصلاح المؤسسات العامة بما يواكب متطلبات ما بعد الحرب.
في ضوء ذلك، تغادر سوريا تدريجياً موقعها كملف دائم على أجندة الأزمات في مجلس الأمن، لتُعامل كدولة تستعيد أدوارها الطبيعية في الإقليم والمجتمع الدولي.
على هذا الأساس، تؤشر الزيارة إلى تحول نوعي في علاقة سوريا بمنظومة الأمم المتحدة، من نمط يغلب عليه الطابع الرقابي والانقسام السياسي إلى نمط تعاوني يقوم على الشراكة والاحترام المتبادل، مع التركيز على دعم أولويات التنمية الوطنية والاستقرار طويل الأمد.
تظل السيادة ووحدة الأراضي محوراً مركزياً في الخطاب السوري، بما يشمل تأكيد الولاية الحصرية للدولة على شؤونها وملكية السوريين الكاملة للحلول المتعلقة بمستقبلهم.
في المحصلة، يمكن النظر إلى زيارة مجلس الأمن إلى دمشق بوصفها رسالة ثقة بالشعب السوري، واعترافاً بصموده وشرعية خياراته الوطنية، وتأكيداً على أن سوريا تدخل طوراً جديداً يتقدم فيه مشروع إعادة البناء على منطق الحرب والأزمة، وتأكيداً على الاعتراف بالحكومة السورية بوصفها الطرف الشرعي الذي يمثل السوريين، الأمر الذي يطرح على بعض الفاعلين من غير الدولة سؤالاً جوهرياً مؤداه، ما رهانكم الآن؟
(اخبار سوريا الوطن 1-الثورة السورية)