السبت, 6 ديسمبر 2025 04:44 PM

تحقيق "ملفات دمشق" يثير جدلاً ونفيًا من مؤسسات حقوقية حول المشاركة

تحقيق "ملفات دمشق" يثير جدلاً ونفيًا من مؤسسات حقوقية حول المشاركة

أثار الكشف عما يسمى "ملفات دمشق" ضجة إعلامية وحقوقية واسعة، وسط نفي مؤسسات عديدة مشاركتها في التحقيق الذي أجرته القناة الألمانية NDR ونشره الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ). تصاعد الجدل حول الجوانب القانونية والأخلاقية للتعامل مع هذه المواد الحساسة.

أكدت جهات حقوقية رئيسية، بعد ساعات من نشر التحقيق في 4 ديسمبر، عدم مشاركتها في إعداده أو الموافقة على منهجيته. وأصدرت المؤسسة المستقلة للأمم المتحدة لشؤون المفقودين في سوريا (IIIM) بيانًا أوضحت فيه أنها "ليست ولم تكن جزءًا" من إعداد التحقيق، وأكدت أولوية التعاون مع "الهيئة الوطنية للمفقودين" السورية الرسمية، ورفضها الكشف عن معلومات شخصية عبر وسائل الإعلام.

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، على "فيسبوك" إن المنظمة لم تتسلم أي صور أو وثائق، بل وصلتها "جداول بيانات (إكسل) فقط" تحتوي على معطيات أولية عن قرابة 1500 شخص، معظمها مسجل لديها مسبقاً. وأكد مدير مبادرة "تعافي"، أحمد حلمي، في فيديو مسجل عدم وجود صور أو مستندات لديهم متعلقة بالتحقيق، مشيراً إلى أن الجهة المنفذة للتحقيق الصحفي "شاركت معنا جدولاً محدوداً جداً" لا يكفي للبدء بالتواصل مع أهالي المفقودين.

وأصدر المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير بياناً قال فيه إن الصور المشار إليها في تقرير ICIJ لم يتم الحصول عليها من قبل المركز، ولا تربطه أي علاقة بالتحقيق المنشور.

أصل الملفات وأهميتها

تتكون "ملفات دمشق" من مجموعتين من البيانات؛ المجموعة الأولى (الرئيسية) حصلت عليها NDR عام 2025 عبر وسطاء، ونُسبت إلى ضابط سابق كان رئيس "وحدة حفظ الأدلة" في الشرطة العسكرية بدمشق بين عامي 2020 و2024، حيث قام بنسخ الملفات بهدف "فضح جرائم النظام". أما المجموعة الثانية فتعود إلى المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير، الذي حصل عليها بعد سقوط النظام من معتقل سياسي سابق، وأجرى تحليلاً أولياً حدد خلاله هوية حوالي 1900 ضحية، وقد أطلع المركز "الهيئة الوطنية للمفقودين" على هذه النتائج.

يبلغ حجم هذه البيانات أكثر من 134 ألف سجل أمني واستخباراتي، بما في ذلك 23,281 صورة تظهر 7,437 ضحية، معظمهم من الذكور، ويعود تاريخها بشكل أساسي للفترة بين يونيو 2015 وديسمبر 2019.

موقف رسمي مشدد وحماية للأدلة

أصدرت وزارة العدل السورية بياناً وصفت فيه الوثائق المنشورة بأنها "مسربة وجمعت بطرق غير قانونية"، محذرة من أن نشرها العشوائي "يتعارض مع حق الضحايا ويمس مشاعر ذويهم"، ويُعرضهم للابتزاز. وذكرت الهيئة الوطنية للمفقودين أن أي وثائق متعلقة بالمفقودين هي جزء من "الأرشيف الوطني السوري"، ويجب إدارتها حصرياً عبر الأطر القانونية والمؤسسية الوطنية، ونفت تسلمها لأي ملفات إضافية مرتبطة بما نُشر.

أثارت طريقة نشر هذه الوثائق، التي تمسّ ملفاً شديد الحساسية يخص عشرات الآلاف من العائلات السورية، جدلاً أخلاقياً وقانونياً واسعاً. يرى الكثيرون، بما في ذلك الجهات الرسمية والمؤسسات الحقوقية التي نفت المشاركة، أن النشر العشوائي خارج الإطار القانوني الرسمي يمكن أن يعيد إيذاء عائلات الضحايا ويلحق بهم ضرراً نفسياً، ويُربك مسارات العدالة والمساءلة المستقبلية عبر العبث بالأدلة أو نشرها بطرق غير منهجية، ويُستخدم لأغراض غير مشروعة مثل الابتزاز أو التشهير.

دعت وزارة العدل والهيئة الوطنية جميع الجهات التي بحوزتها أي وثائق إلى تسليمها للجهات الرسمية المختصة، لضمان التعامل معها وفق "الضوابط والمعايير القانونية" بهدف كشف الحقيقة ومحاسبة المجرمين وإنصاف الضحايا.

مشاركة المقال: