السبت, 6 ديسمبر 2025 10:03 PM

معركة "ردع العدوان": الثوار على أسوار حمص ويطوقون دمشق من الجنوب

معركة "ردع العدوان": الثوار على أسوار حمص ويطوقون دمشق من الجنوب

لم يكن اليوم العاشر من معركة "ردع العدوان" مجرد يوم آخر في سلسلة المواجهات، بل نقطة تحول حاسمة. فقد اتسع نطاق المعارك ليشمل الجنوب والشرق، بعد أن كان محصوراً في الشمال والوسط السوري. اقتربت المعارك من العاصمة دمشق من جهة الشمال عبر حمص، ومن جهة الجنوب عبر درعا والقنيطرة.

هذا التوسع رسم خريطة جديدة لم تشهدها سوريا منذ عام 2011، من خلال هجوم بثلاثة محاور تجاوز التفوق الجوي لقوات النظام. لم يكن التقدم نحو حمص عملاً منعزلاً، بل امتداداً لتحرير حلب والشمال السوري وريفي إدلب وحماة ومدينة حماة، قبل الوصول إلى الخاصرة الجنوبية في ريف حمص الشمالي. تحول الطريق الدولي بين حماة وحمص من شريان يربط الساحل بدمشق إلى خط إمداد مفتوح للفصائل، وأصبحت مدينة حمص محاصرة من الشمال والوسط، مع استنزاف دفاعاتها تدريجياً.

شكلت العقدة الجغرافية والتحول المحوري في حمص نقطة فاصلة في اليوم العاشر، حيث سيطرت قوات الثوار على مدينتي تلبيسة والرستن ومعظم الريف الشمالي، واقتربت من أسوار حمص بمسافة لا تتجاوز خمسة كيلومترات. على الرغم من الغارات الروسية وقوات النظام على جسر الرستن وتلبيسة، تمكن الثوار من تثبيت مواقعهم، مستخدمين طائرات "شاهين" المسيّرة التي لعبت دوراً حاسماً في استهداف تجمعات "جيش الأسد" على طريق حماة–حمص. ومع انسحاب قوات النظام باتجاه الساحل، بدت حمص محاصرة من الشمال والوسط.

وفي تصريح لافت، قال المتحدث باسم "إدارة العمليات العسكرية" المقدم حسن عبد الغني: "حررت قواتنا آخر قرية على تخوم مدينة حمص وباتت على أسوارها، من هنا نوجه النداء الأخير لقوات النظام: هذه فرصتكم للانشقاق"، ناصحاً قوات النظام بإعادة التموضع خارج سوريا.

بعد انهيار دفاعات النظام في الرستن وتلبيسة، أصبحت حمص عقدة الجغرافيا السورية في قبضة الثوار. ومع السيطرة على الطريق الدولي "M5" وقطع خطوط الإمداد، أعلنت "إدارة العمليات العسكرية" تحرير حمص بالكامل. لم يكن هذا التحرير مجرد انتصار عسكري، بل محطة سياسية وجغرافية أعادت فتح قلب سوريا وربط الشمال بالجنوب، وجعلت مساحات واسعة من الحدود العراقية شرقاً إلى الحدود اللبنانية غرباً تحت سيطرة الفصائل.

في درعا والقنيطرة، انطلقت جبهة مفتوحة بعد سنوات من الهدوء النسبي، تحت اسم معركة "كسر القيود" بهدف الوصول إلى دمشق وإنهاء الحكم. خلال ساعات، سيطر الثوار على جميع المخافر الحدودية مع الأردن، وعلى الجانب السوري من معبر نصيب بعد استسلام قوات النظام هناك، ووسعت سيطرتها لتشمل عشرات الحواجز والثكنات العسكرية مثل اللواء 52 وتل الحارة واللواء 112. عاد شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" إلى ساحات درعا، لكن هذه المرة على وقع انهيار فعلي في بنية نظام الأسد.

توسعت السيطرة لتشمل أكثر من أربعين مدينة وبلدة في ريف درعا، بينها نوى، إنخل، المزيريب، طفس، جاسم، وبصر الحرير. ودخلت الفصائل مدينة إزرع للمرة الأولى منذ انطلاق الثورة، وسيطرت على سجنها المركزي مع قرار بالإفراج عن المعتقلين السياسيين. في الوقت نفسه، شهدت قوات النظام موجات انشقاق غير مسبوقة، إذ أعلن عن انشقاق أكثر من 300 عنصر في يوم واحد، ما جعل الجنوب يشكل الخطر الأكبر على دمشق من خاصرتها الجنوبية والغربية.

بالتوازي مع توسع "غرفة عمليات الجنوب"، أعلنت فصائل أخرى تشكيل "غرفة عمليات فتح دمشق"، مؤكدة أن هدفها المباشر هو العاصمة، وبدأت عملياتها من محاور درعا والقنيطرة، وسيطرت على بلدات وثكنات بين درعا ودمشق. كما أصدرت عشائر حوران بياناً اعتبرت فيه غرفة العمليات المرجعية الوحيدة للمنطقة، داعية العسكريين إلى الانشقاق مع ضمان سلامتهم.

أكدت معركة "ردع العدوان" أن السيطرة على حمص ستفتح الباب لمرحلة سياسية جديدة، ولا وجود للنظام فيها بأي شكل من الأشكال، ولاسيما مع اكتمال طوق الثوار حول دمشق. بدا في هذا اليوم أن "سقوط نظام الأسد" لم يعد احتمالاً سياسياً، بل مساراً عسكرياً متقدماً على الأرض، ينتظر فقط لحظة الدفع الأخيرة من حمص والبوابات الجنوبية للعاصمة.

مشاركة المقال: