بدمشق: "الحاج عبود" ينفق من جيبه الخاص لإنقاذ حدائق حي الصناعة من الإهمال بعد 14 عاماً


استطاع الناشط البيئي عبود عبود، المعروف بـ”الحاج عبود”، أن يترك أثراً إيجابياً ملموساً في المحيط الذي يعيش فيه بمدينة دمشق، وذلك من خلال إيلائه العناية والرعاية الخاصة للحديقة المجاورة لمنزله. يشير علام العبد إلى أن كل من يزور الحدائق في حي الصناعة الحديث، الذي يقع خلف فرع المرور بدمشق، يتساءل في سره عن كيفية عودة الجمال لهذه الحدائق بعدما كانت جرداء لا أثر للحياة والخضرة فيها على مدى 14 عاماً.
لقد أولى ” الحاج عبود ” اهتماماً وعناية فائقة بنظافة الحدائق الثلاث التي تبلغ مساحتها ما يقارب من 6 دونمات ويطل منزله عليها، والتي طالها النسيان والإهمال طيلة السنوات الماضية. عمل على حرثها وتقليم الأشجار المتبقية فيها وغرسها بأشجار الزيتون، حيث غرس 65 شجرة زيتون قُدرت قيمة الغرسة الواحدة بـ 300 ألف ليرة. بالإضافة إلى ذلك، تكفل بسقايتها عبر شراء صهاريج مياه بتكلفة 200 ألف ليرة للصهريج الواحد، وكل ذلك تم على نفقته الخاصة، ولا يبغي من وراء ذلك إلا تحسين المساحات الخضراء في الحي.
لم يتوقف نشاط “الحاج عبود” عند هذا الحد، بل بادر متطوعاً وعلى نفقته الخاصة بحملة تجميل لمدرستي شيماء السعدية والأمة العربية، شملت إزالة كافة رموز النظام السابق وإطلاق الجدران فيهما. ويوضح “الحاج عبود” أن العديد من المواطنين في المدينة، ولاسيما القاطنين بجوار الحدائق، يفتقرون إلى ثقافة الاهتمام بالمساحات الخضراء، وغياب الوعي بضرورة العناية بالأشجار.
وعن مبادرته، التي أطلقها منذ تحرير سوريا في مجال البيئة، قال عبود لـ” الحرية “: «هي رسالة إلى المجتمعات ككل، تهدف إلى الحفاظ على جمالية مدينة دمشق وحدائقها وتحسين مناخها، وزيادة المساحات الخضراء فيها التي عانت على مدى السنوات الفائتة الكثير من الإهمال». مؤكداً أن المبادرة مسؤولية وشراكة مجتمعية تهم كل الجهات والأفراد في المجتمع، لخلق بيئة طبيعية وصحية.
وفي طريقة مرتبة، يعلق ” الحاج عبود” أقفاصاً صناعية على أغصان الأشجار لتحمي العصافير والطيور التي تجد في حديقته ملاذاً آمناً، حيث تتخلل الحديقة أشجار ظل وكراسي للزوار. ويفتخر اليوم بهذه المبادرات التي جعلته محط اهتمام للسكان من حوله للتنزه داخل حديقته، وعلى الرغم من الظروف الصعبة المتعلقة بتوفير الخدمات اللازمة للحدائق، إلا أنه ما زال محافظاً على المكان ويقوم بتوفير ما يلزم، ومنها شراء الأطعمة الخاصة للطيور من جيبه الخاص. وتتنزه النساء برفقة أطفالهن داخل الحديقة، رغبة في مشاهدة الخدمات التي قام بها ” الحاج عبود ” من تلقاء نفسه، والتي لم يشاهدوها من قبل من مواطن بهذا الرقي والإنسانية، ونظراً للهدوء والمناظر الجميلة والطبيعة الخلابة داخل الحديقة.
وفي قراءة لهذه الظاهرة الإيجابية، يرى الناشط البيئي مطيع الغوثاني أن هذا الشخص يساهم في تحسين حياة الآخرين والمجتمع من خلال أعماله الطيبة، وسلوكه الإيجابي، والتزامه بقيم الخير، سواء كان ذلك من خلال العناية بالحدائق أو مساعدة المحتاجين، مما يترك بصمة تُشعِر من حوله بالسعادة والأمل. ويضيف الغوثاني في حديثه أن المواطن الذي يعلق أعشاشاً صغيرة على الأشجار هو غالباً مبادرة بيئية تهدف لتشجيع الطيور المحلية على التكاثر وتوفير مأوى آمن لها، مثلما يقوم به المتطوع الإنسان ” الحاج ” في حديقة حي الصناعة الحديثة، حيث نجح في إعادة الروح للحديقة بعدما قام بإنشاء بيوت خشبية للطيور امتلأت بالأعشاش والفراخ، وهي خطوة تدعم الحياة البرية في المدن وتزيد التنوع البيولوجي، وهذا عمل تطوعي نبيل يثري البيئة الحضرية ويعكس الوعي المدني.
أبناء الحي يتابعون ” الحاج عبود ” صاحب المبادرة وهو يقضي يومياته في الحديقة يعتني بنباتاتها ويسقيها ويقوم بتقليم أغصانها وتنظيف التربة وتفقد أعشاش العصافير، ويتمنون استنساخ هكذا مبادرات ونقل هذه العدوى إلى الحدائق والتجمعات والأحياء المجاورة بعدما استحسنوا المبادرة التي غيرت وجه التجمع السكني في حي الصناعة الحديث. إلى ذلك، تشهد العديد من الأحياء السكنية بعد التحرير في مدينة دمشق وغيرها من المحافظات السورية مبادرات تطوعية لتهيئة وتزيين مداخل التجمعات السكنية والفضاءات المشتركة، في ظل النقص الملموس لمثل هذه الأماكن التي يجد فيها المواطن متنفساً ومكاناً للراحة والاستجمام.
سياسة دولي
سوريا محلي
سوريا محلي
⚠️محذوفسوريا محلي