وزير الإعلام السوري يعلن عن "مدونة سلوك مهنية" لتنظيم العمل الصحفي وتجاوز تحديات قانون الجرائم الإلكترونية

أكد وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، أن النقاشات الأخيرة التي دارت في الفضاء الافتراضي حول تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية لمواجهة المحتوى التحريضي، أبرزت ضرورة إيجاد حلول تحقق توازناً أكبر بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية. وفي مقالة نشرتها صحيفة الثورة السورية اليوم، أوضح الوزير المصطفى أن القانون الصادر عام 2022 يواجه تحديات أخلاقية وإجرائية تحد من إمكانية تطبيقه بعدالة وفعالية، الأمر الذي دفع وزارة الإعلام إلى البحث عن بدائل عملية.

وأشار المصطفى إلى أن الوزارة اختارت مسار إعداد مدونة سلوك مهنية وأخلاقية، تهدف إلى تجاوز الأطر التقليدية لمواثيق الشرف الإعلامية. وتعتمد هذه المقاربة على مبدأ "من الأسفل إلى الأعلى"، حيث يتم إشراك الصحفيين والنقابات والمؤسسات الإعلامية في صياغتها. وفي هذا السياق، تم تشكيل لجنة مكونة من عشرة خبراء سوريين، غالبيتهم من المستقلين، بالإضافة إلى ممثل واحد عن الوزارة وآخر عن اتحاد الصحفيين.

وبين وزير الإعلام أن العمل على المدونة استغرق خمسة أشهر، شملت عقد 16 ورشة عمل في مختلف المناطق السورية، بمشاركة تجاوزت 600 صحفي ومدير مؤسسة إعلامية. وأوضح أن بعض هذه الورشات توسعت لتشمل نحو ألف مشارك من خلفيات متنوعة، مما جعلها واحدة من أوسع التجارب التشاركية في هذا المجال. وقد أسفرت هذه النقاشات عن صياغة نسخة أولية من المدونة تتجاوز 90 صفحة، وتضمنت ملحقاً خاصاً بصنّاع المحتوى الرقمي.

ولفت الوزير المصطفى إلى أن المدونة تستند إلى منهجية تجمع بين التجارب الاسكندنافية والبريطانية والأوروبية التقليدية، بهدف تحقيق التوازن بين المصلحة العامة وحرية التعبير، مع تعزيز دور النقابات والحوارات المفتوحة. وأكد أن المصادقة على هذه المدونة ستكون شرطاً أساسياً للحصول على الترخيص والبطاقة الصحفية، وسيتم تطبيقها تدريجياً وفق مبدأ التصحيح والتقويم قبل اللجوء إلى العقاب.

وشدد المصطفى على أن المدونة ليست بديلاً عن القانون، بل تمثل إطاراً مهنياً يهدف إلى حل الخلافات داخل الوسط الإعلامي قبل وصولها إلى القضاء. ومن المتوقع أن تتحول المدونة إلى "دستور مهني" للصحفيين، يمهد لعقد مؤتمر عام يضمن مراجعتها وتطويرها بشكل دوري. واختتم وزير الإعلام بالتأكيد على أن هذا الإنجاز يمثل تجربة سورية رائدة لتنظيم الإعلام بأدوات مهنية تحترم الحريات وتحمي المجتمع، وتضع سوريا على مسار متقدم في تنظيم العمل الصحفي.