مصير اتفاق دمشق و"قسد" على المحك: مهلة الاندماج تقترب وسط تعثر وضغوط دولية متصاعدة


تتصاعد التساؤلات حول مستقبل اتفاق العاشر من آذار/مارس 2025 المبرم بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ بنوده بنهاية العام الحالي. لم يشهد الاتفاق، الذي ينص على دمج مؤسسات «قسد» المدنية والعسكرية في مؤسسات الدولة السورية، تقدماً ملموساً في تطبيق معظم بنوده الأساسية، مما أدى إلى تبادل الانتقادات بين دمشق و«قسد» بشأن «التقاعس» أو «البطء» في التنفيذ.
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» أن الحوار مع الحكومة السورية مستمر، لكن لم يتحقق أي تقدم حقيقي على صعيد التفاهمات السياسية والعسكرية. وأشارت في بيان إلى أنها قدمت مقترحاً شاملاً يحدد خطوات وآليات اندماجها ضمن الجيش السوري ومؤسسات الدولة، غير أن الحكومة في دمشق لم تقدم رداً على هذا المقترح حتى الآن. وأكدت «قسد» التزامها بمبدأ «الاندماج ضمن إطار الدولة السورية»، مشترطة أن تتم عملية الاندماج بطريقة تحافظ على بنيتها التنظيمية ودورها القتالي، لضمان استمرار قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية.
في سياق متصل، بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع السفير الأمريكي في أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك، المستجدات المتعلقة بالملف السوري. وركزت المباحثات، وفقاً لمصادر تركية، بشكل أساسي على تنفيذ الاتفاق الموقع بين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مظلوم عبدي، في دمشق في 10 آذار/مارس الماضي، والذي يجب الانتهاء من تنفيذه بنهاية كانون الأول/ديسمبر الحالي. كما تطرقت المباحثات إلى «الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا» وملف رفع العقوبات.
منذ تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، تبنّت تركيا موقفاً ثابتاً يعتبر أن أي اعتراف سياسي بهذه الإدارة يشكّل «تهديداً للأمن القومي التركي»، واستخدمت أدوات متعددة لمنع ترسيخ هذا النموذج، بما في ذلك دعم مجموعات مسلحة والتدخل العسكري المباشر الذي أسفر عن السيطرة على مناطق واسعة مثل عفرين وسري كانيه وتل أبيض، وسط اتهامات بإحداث تغييرات ديمغرافية. وقد كثفت أنقرة تحركاتها الدبلوماسية لمنع أي تمثيل رسمي لـ «قسد» أو الإدارة الذاتية في مسارات جنيف وأستانا وسوتشي، وهددت بالانسحاب من المسارات التفاوضية في حال تجاوز «الخطوط الحمراء» المتمثلة في إشراك ممثلين عن الإدارة الذاتية، بحسب موقع «هاوار».
أشار محللون ومسؤولون إقليميون إلى أن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني في هجوم تدمر، الذي تقول واشنطن إن منفذه عنصر منفرد من تنظيم «داعش»، من شأنه أن يزيد الضغط على «قسد» بقيادة الأكراد للاندماج مع دمشق. وعلى الرغم من استمرار التحالف الأمريكي مع «قسد»، يرى المحلل السياسي آرون زيلين أن «قسد» تحولت من كونها المحاور الرئيسي لواشنطن إلى مجرد جزء من العلاقات الأمريكية السورية الأوسع، خاصة بعد استقبال أحمد الشرع في البيت الأبيض الشهر الماضي.
وقال زيلين لموقع «المونيتور» إن رسائل مسؤولين أمريكيين مثل باراك وروبيو وترامب تشدد على ضرورة وجود علاقة قوية مع دمشق لتحقيق تنسيق أفضل بشأن القضايا الأمنية. كما يرجح أن يزيد حادث تدمر من إلحاح إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية ووزارة الدفاع السورية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتنسيق العمليات ضد «داعش»، وفقاً لدبلوماسي إقليمي نقلاً عن موقع «المشهد». ويتفق زيلين على أن الرأي السائد في واشنطن هو أن العبء يقع على عاتق «قسد» لتقديم تنازلات لدمشق، وليس العكس.
سوريا محلي
سوريا محلي
سياسة سوريا
فن وثقافة