أزمة نزيف العقول الإسرائيلية: هجرة الأكاديميين تتصاعد بسبب العدوان على غزة وسياسات نتنياهو.. 23% من خريجي "وايزمان" يعيشون في الخارج


تشهد إسرائيل، ولأول مرة منذ سنوات عديدة، نقصاً حاداً في أعداد الباحثين والعلماء، وهي ظاهرة تُعزى إلى تداعيات العدوان البربريّ على قطاع غزّة، بالإضافة إلى ما يُعرف بالانقلاب القضائي الذي تقوده حكومة بنيامين نتنياهو العنصريّة. وتُظهر بيانات المكتب المركزي للإحصاء، المنشورة حديثاً، ارتفاعاً ملحوظاً في عام 2024 في عدد الإسرائيليين الحاصلين على شهادات الدكتوراه الذين هاجروا إلى الخارج لمدة تزيد عن ثلاث سنوات.
وتشير البيانات إلى تزايد أعداد المقيمين في الخارج، سواء بين الباحثين الشباب أو ضمن الفئة الأوسع من الباحثين. وهذا يعني أن الباحثين الذين استثمرت الدولة في تعليمهم بشكل مكثف، والذين كان من الممكن أن يقدموا إسهاماً بالغ الأهمية للاقتصاد والبحث العلمي في إسرائيل، يعملون ويعيشون حالياً خارج البلاد.
كشفت الإحصائيات الرسمية أن إسرائيل سجلت في عام 2024 عجزاً في ميزان الهجرة الأكاديمية، حيث تجاوز عدد الأكاديميين الحاصلين على درجة البكالوريوس أو أعلى الذين هاجروا إلى الخارج عدد الأكاديميين العائدين. وتتميز هذه الهجرة بأنها هجرة شبابية، متعلمة، وتنبع من مجتمعات مستقرة داخل إسرائيل، وتحديداً من منطقتي شارون وتل أبيب. وتؤكد البيانات أن هذا الاتجاه التصاعدي تعزز واستمر خلال فترة الحرب والانقلاب القضائي.
وتوضح الأرقام أن نسبة كبيرة من حاملي شهادات الدكتوراه في التخصصات العلمية يعيشون في الخارج، ومن أبرز هذه النسب:
بالإضافة إلى ذلك، تشير بيانات المكتب المركزي للإحصاء إلى أن 23% من خريجي الدكتوراه من معهد وايزمان يعيشون حالياً في الخارج، إلى جانب 18.2% من خريجي الدكتوراه من معهد التخنيون، و15% من خريجي الدكتوراه في مجالات العلوم من جامعة تل أبيب.
يشير المكتب المركزي للإحصاء إلى أن عام 2024 شهد زيادة في عدد المهاجرين الجدد وانخفاضاً في عدد العائدين بعد إقامة طويلة في الخارج. وقد بدأ اتجاه تنازلي في عدد العائدين إلى إسرائيل منذ عام 2022، بينما بدأ اتجاه تصاعدي في عدد الإسرائيليين المنتقلين للإقامة الطويلة في الخارج منذ عام 2023.
ويُحتمل أن يكون سبب الهجرة وتراجع الرغبة في العودة ناتجاً عن ظروف البحث العلمي وموقف الحكومة الحالية تجاه الأوساط الأكاديمية. فمنذ توليها السلطة نهاية عام 2022، تشنّ حكومة نتنياهو هجوماً على المؤسسات الأكاديمية والبحثية، بقيادة وزير التعليم يوآف كيش، الذي يسعى للسيطرة على نظام التعليم العالي.
كما تتعرض ميزانيات التعليم العالي للتآكل، حيث خُفِّضت عدة مرات منذ تشكيل الحكومة. وقد أدى ذلك إلى تضاؤل الموارد المخصصة للبحوث والبنى التحتية البحثية المتطورة، مما يدفع الباحثين لتفضيل الانتقال أو البقاء في الخارج حيث تتوفر رواتب وميزانيات وبنى تحتية بحثية أكبر.
وبلغت ميزانية التعليم العالي في عام 2025 حوالي 14 مليار شيكل، ومن المتوقع أن تكون مماثلة في عام 2026. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، خُفِّضت الميزانية بحوالي 700 مليون شيكل. وتُشير الجامعات الإسرائيلية أيضاً إلى انخفاض في حجم المنح المقدمة من الصندوق الأوروبي، وهو الممول الرئيسي للنشاط البحثي في البلاد، وهو ما يُرجح أن يكون سببه تصاعد المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، مما يزيد من صعوبة حصول الباحثين على التمويل والتعاون الدولي، ويدفعهم بالتالي إلى مغادرة البلاد.
اقتصاد وأعمال
اقتصاد وأعمال
اقتصاد وأعمال
اقتصاد وأعمال