تخبطات هيكلية وإدارية تعصف بقطاع النفط السوري: إصلاح متعثر و"العربة قبل الحصان"


هذا الخبر بعنوان "العربة قبل الحصان.. تخبطات هيكلية تعرقل إصلاح قطاع النفط السوري" نشر أولاً على موقع zamanalwsl وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ١٨ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
بينما تسعى دول العالم لتطوير قطاعاتها النفطية بتبني أحدث النظم الإدارية والتقنية، يواجه القطاع النفطي السوري تحديات جمة، حيث يبدو أنه عالق في دوامة من التخبطات الإدارية والهيكلية. لا تقتصر المشكلة على نقص الموارد أو الخبرات، بل تتجذر في منهجية العمل ذاتها، التي توصف بوضع "العربة قبل الحصان"، مما يهدر الوقت والجهد دون تحقيق تقدم ملموس.
على الرغم من مرور نحو سبعة أشهر على تأسيس وزارة الطاقة كبديل للوزارات الثلاث السابقة، وشهرين على إنشاء "الشركة السورية للبترول" (SPC) ككيان مستقل عن الوزارة، لا تزال هذه الشركة الوليدة تواجه صعوبات بالغة. يكمن التحدي الأكبر في غياب الوضوح حول هيكليتها الإدارية وآليات عملها، إذ لم تُحدد بعد الأسس التنظيمية التي ستوجه مسارها. وفي حين يُعد النظام الإداري الحالي للقطاع النفطي السوري فريداً في تصميمه ولا يشابه أنظمة دول المنطقة، إلا أنه بات قديماً ولم يخضع لأي تطوير حقيقي يواكب متطلبات المرحلة الراهنة.
في سياق البحث عن حلول، أُوفد مؤخراً وفد إداري ومالي رفيع المستوى من الشركة، يضم سبعة أعضاء، منهم مدير التنمية الإدارية ماجد حديد والمدير المالي أبو تميم، إلى المملكة العربية السعودية. كان الهدف من الزيارة هو الاطلاع على هيكلية شركة "أرامكو" العملاقة. تثير هذه الخطوة تساؤلات جوهرية حول مدى كفاية زيارة استطلاعية يقوم بها فريق إداري غير ملم بشكل كامل بتفاصيل عمل المؤسسات النفطية السورية المراد دمجها. خاصة وأن هؤلاء المسؤولين كانوا يعملون سابقاً في "إدارة المشتقات النفطية" التابعة لـ "حكومة الإنقاذ"، ولم تكن لهم خبرة سابقة في القطاع الحكومي القائم تمكنهم من وضع هيكلية بديلة له. يتساءل البعض: ألم يكن من الأجدى إجراء دراسة معمقة للواقع المحلي أولاً بمشاركة خبراء متخصصين؟ فالقطاع الحكومي ينطوي على تعقيدات وتشعبات مالية وإدارية هائلة، ومن المرجح أن الأشخاص الذين تم إيفادهم يفتقرون إلى الإلمام الكافي بهذه التفاصيل، والدليل على ذلك أن الهيكلية التي وضعوها سابقاً كانت مليئة بالثغرات.
يبدو أن جوهر المشكلة يكمن في منهجية اتخاذ القرار، والتي يمكن تلخيص إشكالياتها في النقاط التالية:
لا يمكن إنكار التحسن النسبي الذي طرأ على أداء القطاع النفطي مؤخراً، مثل عودة بعض الشركات الأجنبية، وهو ما يُعزى بشكل أساسي إلى تحسن المناخ السياسي والانفراج الدولي تجاه سوريا، ويُعد "نجاحاً سياسياً" بامتياز. لكن هذا النجاح، على أهميته، لا يمكن أن يحل محل الإصلاح الإداري والهيكلي الحقيقي الذي يضمن استدامة الأداء، وترشيد الإنفاق، وزيادة الإنتاجية.
لا يزال الوقت متاحاً لتصحيح المسار. إن الخروج من هذا المأزق يتطلب وقفة جادة لإعادة ترتيب الأولويات، والبدء بوضع "الحصان" في مكانه الصحيح أمام "العربة". يجب إجراء دراسة متعمقة للواقع الحالي بمشاركة خبراء محايدين، والاستفادة من النماذج العالمية الناجحة مع تكييفها لتناسب الخصوصية السورية، واختيار الكفاءات المؤهلة لهذه المهمة الوطنية الدقيقة. إن مستقبل قطاع النفط السوري، بوصفه شريان الحياة للاقتصاد، يستحق بذل كل جهد ممكن للخروج من دائرة التخبط، وبناء مؤسسة قوية تقوم على أسس علمية وإدارية سليمة.
المصدر: زمان الوصل
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد