كتاب ناصر السومي: النبيذ الفلسطيني شاهد على آلاف السنين من الحضارة والهوية


هذا الخبر بعنوان "ناصر السومي يشرب نبيذ فلسطين!" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ١٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في إطار مشروعه الثقافي والفني الهادف إلى توثيق جذور الهوية الفلسطينية عبر رموزها الطبيعية الأولى، يُقدّم التشكيلي الفلسطيني ناصر السومي كتابه الجديد «النبيذ وفلسطين: تاريخ آلاف السنين» (25 دولاراً ـــ دار المنار). يأتي هذا العمل امتداداً لكتابه السابق «تاريخ شجرة الزيتون في فلسطين»، حيث يعود السومي هذه المرة ليتناول أحد أضلاع الثالوث المقدس للنباتات في الحضارات الأولى: الزيتون والقمح والكرمة، مقدماً قراءة معمّقة في تاريخ النبيذ الفلسطيني.
يُبرز الكتاب الدور الأساسي الذي لعبه النبيذ في ذاكرة المكان ونتائج العمران الإنساني في فلسطين منذ ما قبل الأديان السماوية. يمزج السومي ببراعة بين البحث الأركيولوجي الدقيق واللمسة الفنية التي لطالما ميّزت أعماله، محوّلاً السرد التاريخي إلى مادة بصرية ومعرفية في آن واحد. فاللوحات الفنية التي يتضمّنها الكتاب ليست مجرد زينة مرافقة، بل هي جزء لا يتجزأ من بنية الخطاب، وتوثّق علاقة الفلسطيني بأرضه، وتقاوم محاولات نزع جذوره أو إعادة تأويل تاريخه.
في هذا السياق، يمثّل الكتاب مواجهة مباشرة للروايات الأسطورية التي سعت إلى طمس الدور الفلسطيني القديم في المنطقة. يستعيد السومي تاريخ النبيذ بوصفه شاهداً حياً على استمرارية الوجود البشري والحضاري في فلسطين، مؤكداً أن مدينتي غزة وعسقلان شكّلتا مركزاً عالمياً لإنتاج النبيذ بين القرنين الثالث والسابع قبل الميلاد.
ينقسم الكتاب إلى محورين رئيسيين: الأول يستعرض تاريخ النبيذ في فلسطين على مدى آلاف السنين، بينما يقدّم الثاني سرداً لتاريخ الإنسان في هذه الأرض منذ بداياته الأولى. ينطلق السومي من فرضية علمية راسخة تؤكد أن تاريخ فلسطين هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الإنسان نفسه، مستنداً إلى أبحاث تشير إلى مرور «هومو إريكتوس» عبر فلسطين قبل نحو مليونين و400 ألف سنة، وتَبِعه «هومو سابيينس» الذي وصلت آثاره إلى المنطقة قبل 200 ألف سنة تقريباً.
في هذه الأرض، شهد الإنسان تحوله من الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة، ونشأت الحضارة النطوفية التي تُعدّ من أقدم الحضارات الزراعية في العالم. وقد دلّت مكتشفاتها على تدجين الزيتون والقمح والكرمة، ما يجعل فلسطين مهد بعض أهم النباتات التي شكّلت غذاء البشرية ورمزيتها.
يُقدّم السومي عرضاً غنياً للاكتشافات الأثرية التي تؤكد قِدم صناعة النبيذ في فلسطين، ومنها العثور على مئات الجرار التي تعود إلى ما قبل الأسرات الفرعونية في قبر ملك يُدعى «العقرب». تبيّن لاحقاً أن هذه الجرار مصنوعة من تربة غزة، ما يعني أن النبيذ الفلسطيني كان يُصدَّر إلى مصر منذ الألف الرابع قبل الميلاد. ويبلغ السرد ذروته عند الحديث عن نبيذ غزة وعسقلان، اللذين شكّلا بين القرنين الثالث والسابع قبل الميلاد مركزاً عالمياً لإنتاج النبيذ، لدرجة أن بعض الأباطرة الرومان منعوا استيراد أي نبيذ آخر غير الغزي.
غادة حداد - أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
ثقافة
ثقافة
ثقافة
ثقافة