محكمة باريس تصدر حكمًا بالسجن 10 سنوات بحق فرنسية عادت من سوريا بعد انضمامها لتنظيم "الدولة الإسلامية"

أصدرت محكمة الجنايات الخاصة في باريس حكمًا بالسجن لعشر سنوات بحق الفرنسية كارول سون، التي عادت من شمال شرقي سوريا في عام 2022. جاء هذا الحكم بعد محاكمة استمرت ثلاثة أيام، بتهمة الانتماء إلى "عصابة إجرامية وإرهابية"، على خلفية انضمامها إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.

إضافة إلى عقوبة السجن، قررت المحكمة، وفقًا لما نشرته إذاعة "مونت كارلو الدولية" اليوم، الجمعة 19 من كانون الأول، إخضاع المتهمة لمتابعة اجتماعية وقضائية لمدة خمس سنوات عقب انتهاء محكوميتها، بالإضافة إلى إلزامها بالخضوع للعلاج.

كانت كارول سون قد سافرت إلى سوريا في تموز 2014، وهي في الثامنة عشرة من عمرها، في فترة شهدت ذروة التحاق الأوروبيين بالتنظيم. وتعرفت المتهمة إلى الداعية الفرنسي صلاح الدين غيتون، أحد أبرز مروجي الدعاية لتنظيم "الدولة الإسلامية"، عبر منصة "فيسبوك" قبل شهرين من وصولها إلى سوريا. وصفته حينها بأنه "وسيم" و"لطيف"، وتزوجته فور وصولها، غير أن الزواج لم يدم سوى نحو عشرة أيام قبل مقتله في المعارك، وذلك بحسب ملف القضية.

وفي زواجها الثاني، اقترنت المتهمة بعنصر في جهاز الاستخبارات التابع للتنظيم، ووصفته في رسالة إلى والدتها بأنه "يصفي الخونة". هذا العنصر معتقل حاليًا في العراق. أوقفت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المتهمة سون في كانون الأول 2017، عقب تراجع سيطرة التنظيم في المنطقة. كما شملت القضية شقيقها شارلي سون، الموقوف أيضًا في العراق، والذي كان عضوًا في وحدة "شرطة إسلامية" تابعة للتنظيم، أشرف عليها القيادي المعروف سليم بن غالم.

استمعت المحكمة أيضًا إلى معطيات تشير إلى وجود صلات غير مباشرة بين بعض من خالطتهم المتهمة سون وعناصر شاركوا لاحقًا في اعتداءات شهدتها فرنسا في عام 2015، دون أن تُنسب إليها أي مشاركة مباشرة في تلك الهجمات. وخلال الاستجواب، أقرت كارول سون بأنها كانت "منغمسة في أيديولوجيا التنظيم" إلى حد منعها من إدراك خطورة مشاهد العنف، معترفة بأنها "استوعبت رموز التنظيم وساهمت في دعايته". واعتبرت النيابة العامة أن القضية تتجاوز بعدها الفردي إلى مسألة تتعلق بالنظام العام، في ظل وجود عشرات النساء الأخريات اللواتي لم يحسمن قضائيًا بعد.

الحياة في المخيمات

خلال المحاكمة، تحدثت سون عن أكثر من أربع سنوات قضتها مع طفليها في مخيمات شمال شرقي سوريا، التي تضم نازحين وأشخاصًا يشتبه بانتمائهم إلى جماعات متطرفة. وقالت إن الظروف القاسية، من حرارة الصحراء والأمراض وشح الموارد، لم تكن الأصعب، بل الخوف من السكان داخل المخيمات، ووصفتها بأنها بيئة "شديدة الخطورة" يسودها التوتر وانتشار الشائعات، ووجود نساء يتبنين أفكارًا متطرفة إلى حد التكفير، مشيرة إلى أن صراعات فكرية وسلوكية كانت قائمة حتى بين الأطفال.

فرقت سون خلال اعترافاتها بين مجموعتين من النساء: من وصلن قبل سقوط آخر معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2019، ومن وصلن بعده. وأفادت المحكمة، بحسب التقرير، بأن عددًا من الفرنسيات أدلين بشهادات اعتبرن فيها أن المتهمة بقيت متعاطفة مع التنظيم، وهو ما نفته سون في اعترافاتها. ويشكل النساء، بحسب النيابة العامة الفرنسية، أكثر من ثلث نحو 1500 فرنسي توجهوا إلى سوريا والعراق، عاد منهم حتى اليوم 160 شخصًا، فيما حوكمت، منذ عام 2017، 30 امرأة أمام محكمة الجنايات الخاصة، إلى جانب قضايا أخرى نظرتها محاكم جنحية.

محاكمات سابقة

في منتصف أيلول الماضي، بدأت محكمة الجنايات الخاصة في العاصمة الفرنسية محاكمة ثلاث نساء فرنسيات أخريات، بتهم الانضمام إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا بين عامي 2014 و2017. تستهدف هذه المحاكمة كريستين ألين (67 عامًا)، وجنيفر كلان (34 عامًا) ابنة شقيقي كلان اللذين تبنيا هجمات 13 من تشرين الثاني 2015 في باريس، إضافة إلى مايلين دوهارت (42 عامًا).

تواجه جنيفر ومايلين، إلى جانب تهمة الانضمام إلى التنظيم، تهمة "إهمال مسؤوليات الأمومة"، وفق لائحة الاتهام التي نقلتها "إذاعة فرنسا الدولية" (RFI) ووكالة "فرانس برس". وتُعد "إهمال مسؤوليات الأمومة" تهمة فُرضت منذ عام 2017 في فرنسا على أي والد يأخذ أطفاله القصّر إلى مناطق النزاع ويعرضهم للخطر. وتم خلال المحكمة الاستماع إلى 21 شاهدًا وأكثر من أربعة قضاة مختصين بهذه القضايا، واستمرت المحاكمة حتى 26 من أيلول الماضي، في جلسات تُعقد أمام محكمة خاصة بلا هيئة محلفين، كما هو معتاد في قضايا الإرهاب في فرنسا. وتصل العقوبات المحتملة في هذه القضايا إلى السجن 30 عامًا، بحسب ما نقلته "فرانس 24".