داريا تحتفي بتضحيات جرحى الثورة السورية: تكريم 200 من أصحاب الهمم العالية في فعالية مجتمعية

شهدت مدينة داريا فعالية جماهيرية كبرى على أرض ملعبها، يوم السبت الموافق 20 كانون الأول/ديسمبر 2025، لتكريم نحو 200 مصاب من جرحى الثورة السورية ومعاركها. هدفت هذه المبادرة المجتمعية إلى تسليط الضوء على التضحيات الجسيمة التي قدمها هؤلاء الأبطال، وتعزيز قيم التكافل والدعم ضمن المجتمع المحلي.

وفي تصريح لمنصة سوريا 24، أوضح مؤيد حبيب، عضو مجلس الشعب عن منطقة داريا، أن تكريم ثوار داريا لجرحى المعارك يمثل مبادرة مجتمعية حيوية لاحتواء المصابين وتقديم الدعم لهم. وأشار حبيب إلى أن الفعالية اقتصرت على جرحى المعارك بسبب محدودية المكان، مؤكداً أن المدينة تضم أيضاً جرحى مدنيين من الرجال والنساء والأطفال لم يشملهم التكريم في هذه المرحلة. وبيّن أن عدداً كبيراً من الجرحى يعانون من إعاقات دائمة، مثل الشلل الكامل وبتر الأطراف، مشدداً على أن التكريم رمزي ومعنوي، ويهدف إلى إبراز تضحياتهم باعتبارهم "أصحاب الهمم العالية" الذين كانوا في الخطوط الأمامية للدفاع عن المدينة.

وأضاف حبيب أن المكرمين ينتمون إلى مختلف التشكيلات التي شاركت في معارك داريا، دون حصرهم بلواء أو فصيل معين، لافتاً إلى مشاركة جرحى من مناطق مجاورة ككفرسوسة والعضمية. وأعرب عن أمله في تنظيم فعاليات مستقبلية لتكريم جرحى تلك المناطق، بالإضافة إلى المعتقلين السابقين، وربما أهالي الشهداء، إذا ما توفرت الإمكانات اللازمة. وأكد أن المجتمع المحلي يضطلع حالياً بجزء من أعباء الرعاية الاجتماعية في ظل حداثة مؤسسات الدولة، سواء فيما يخص ملف الجرحى أو جهود إعادة الإعمار أو دعم أسر الشهداء.

من جانبه، صرح سليم أبو رشيد، مسؤول شؤون الشباب في مجلس مدينة داريا، لسوريا 24، بأن هذه الاحتفالية تأتي تثميناً لتضحيات المصابين وتأكيداً على دورهم المحوري في الدفاع عن الوطن. وأشار إلى أن ما قدموه يشكل منارة للأجيال القادمة، ويؤكد أن النصر لم يتحقق إلا ببذل التضحيات وتقديم الدماء والأجساد. وكشف أبو رشيد أن عدد المصابين في داريا يتجاوز 6750 مصاباً، وأن الفعالية الحالية استضافت 200 منهم.

وفي شهادات مؤثرة، تحدث عمر نقاش، أحد المصابين المكرمين، لسوريا 24، عن إصابته عام 2013 على جبهة صحنايا، حيث أُصيب في العنق مما أدى إلى قطع عصب اليد اليسرى وتسبب له بإعاقة دائمة، معرباً عن شكره للقائمين على الفعالية. وأكد أنه عاد إلى العمل ويشغل حالياً وظيفة في جهاز الأمن الداخلي. كما شارك أحمد حسن سراجية، وهو أحد المكرمين أيضاً، مشيراً إلى أن التكريم يأتي تقديراً للتضحيات التي قدموها، وأن الأجر الحقيقي عند الله. وروى سراجية مشاركته في القتال إلى جانب أهالي داريا منذ عام 2012 وحتى عام 2016، وتعرضه لأكثر من 12 إصابة، قبل أن يعود مع رفاقه "بعزة وكرامة" ويواصل عمله في الأمن الداخلي.

وفي شهادة أخرى، حضر والد أحد المصابين المكرمين الفعالية نيابة عن ابنه المتواجد في إدلب بسبب عمله، معرباً لسوريا 24 عن امتنانه للمنظمين، ومؤكداً أن هذا التكريم يمثل تقديراً معنوياً بالغ الأهمية، وأن شكر الناس جزء من شكر الله.

تأتي هذه الفعالية ضمن إطار جهود مجتمعية متواصلة في داريا تهدف إلى تكريم جرحى الثورة السورية وردّ الاعتبار لتضحياتهم، في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، وبهدف ترسيخ ثقافة الوفاء والدعم للمصابين وأسرهم.