محلل روسي: ملف "قسد" مفتاح تحركات دمشق الاستراتيجية بين أنقرة وموسكو


هذا الخبر بعنوان "محلل روسي لنورث برس: ملف قسد في صدارة تحركات دمشق بين أنقرة وموسكو" نشر أولاً على موقع North Press وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
القامشلي – نورث برس
كشف المحلل السياسي الروسي ديميتري بريجع، في تصريح خاص لـ"نورث برس" يوم الأربعاء، أن الحكومة السورية الانتقالية تدير مجموعة متكاملة من الترتيبات الإقليمية المعقدة. وأشار بريجع إلى أن ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) يأتي في صدارة هذه الترتيبات، ضمن مساعٍ حثيثة لضبط الأوضاع في شمال البلاد وتجنب انزلاق سوريا نحو تعدد ساحات الاشتباك، وذلك في سياق تعليقه على الزيارة الأخيرة لوفد حكومي سوري إلى موسكو.
وأضاف بريجع أن وصول الوفد السوري، الذي ضم وزيري الخارجية والدفاع ومسؤولين رفيعين من الاستخبارات العامة، إلى موسكو، بالتزامن مع زيارة وفد تركي أمني عسكري سياسي إلى دمشق، لا يمكن تفسيره على أنه مجرد بروتوكول دبلوماسي. بل يمثل هذا التزامن مؤشراً واضحاً على إدارة دمشق لمسارات إقليمية مترابطة، حيث يشكل ملف "قسد" جوهر هذه المسارات.
وكان وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة قد وصلا إلى موسكو يوم الثلاثاء، برفقة مسؤولين من الاستخبارات العامة، لإجراء مباحثات مع الرئيس الروسي حول التعاون العسكري والاقتصادي والسياسي.
وأوضح المحلل السياسي الروسي أن الترتيب الزمني لهذه التحركات الدبلوماسية يعكس محاولة دمشق فرض توازن إجباري بين مسارين رئيسيين. يتمثل المسار الأول في العلاقة بين دمشق وأنقرة، وهو مسار أمني ميداني يتسم بالسرعة ويهدف بشكل مباشر إلى إدارة ملف "قسد" والحدود، بالإضافة إلى منع أي تصعيد تركي محتمل. أما المسار الثاني، فهو مسار دمشق وموسكو، الذي وصفه بريجع بالاستراتيجي، ويسعى إلى ترسيخ قواعد العلاقة مع روسيا لما بعد عام 2024، بما في ذلك إعادة تعريف الالتزامات السياسية والعسكرية والاقتصادية المتبادلة.
وبيّن بريجع أن دمشق لا تتجه إلى موسكو فقط للمصادقة على تفاهمات مع أنقرة، بل تحمل معها ملفاً تفاوضياً أوسع نطاقاً، يتعلق بتوزيع الأدوار في سوريا خلال عام 2026 والأعوام اللاحقة. وشدد على أن ملف "قسد" يمثل مفتاحاً أساسياً في المشهد السوري الراهن.
ولفت بريجع إلى أن ملف "قسد"، على الرغم من محوريته، ليس الملف الوحيد على طاولة دمشق، إذ يبرز أيضاً ملف الدروز في السويداء جنوب البلاد كملف استراتيجي مهم. ومع ذلك، أكد أن حل ملفات الساحل والجنوب يبقى مرتبطاً بشكل وثيق بحل ملف "قسد".
وأشار بريجع إلى أن ملف "قسد" كان في صدارة المناقشات خلال زيارة الوفد التركي إلى دمشق، مستشهداً بتصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي ذكر أن "قسد لا تبدي نية جدية للاندماج ضمن مؤسسات الدولة السورية والجيش قبل نهاية العام".
واعتبر بريجع أن هذا الاتهام يحمل وظيفة سياسية واضحة، تهدف إلى رفع كلفة استمرار "قسد" ككيان مستقل أمام دمشق وواشنطن، وتضييق هامش المناورة المتاح لها على المستوى الدولي.
وأوضح أن الرسائل التركية يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسية: أولاً، الضغط والتلويح بالخيار العسكري للحصول على قرار تنفيذي وليس مجرد وعود. ثانياً، رفض أنقرة لأي دمج شكلي لـ"قسد" داخل الجيش السوري مع الإصرار على تفكيك بنيتها القيادية وإعادة توزيع عناصرها. ثالثاً، إدخال إسرائيل في الخطاب السياسي لتقليل التعاطف الدولي مع "قسد" وتقديمها كعامل تعطيل لوحدة الأراضي السورية.
ولفت بريجع إلى أن الاشتباكات التي شهدتها مدينة حلب قبل أيام، بالتزامن مع الزيارة التركية، تشكل دليلاً على الترابط الوثيق بين التطورات الميدانية والتحركات الدبلوماسية. وأشار إلى أن إعلان التهدئة لاحقاً يؤكد أن ملف "قسد" ليس مجرد قضية نظرية، وأن أي خلل ميداني محدود قد يُستخدم لتبرير تدخلات أو فرض وقائع جديدة، مع احتمال أن تكون حلب أو شمالها مسرحاً لاختبار جدية الالتزامات المتبادلة.
واختتم بريجع حديثه بالقول: "إن الجمع بين مسار أنقرة ومسار موسكو يوضح أن دمشق تعمل على حزمة مترابطة من خمسة ملفات أساسية، في مقدمتها هندسة الشمال الشرقي وصيغة دمج قسد، إلى جانب خفض التصعيد التركي، وتموضع روسيا في سوريا ما بعد الأسد، وملف الجنوب والعلاقة مع إسرائيل، إضافة إلى الاقتصاد والعقوبات وإعادة الاندماج الدولي".
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة