مؤسسة رعاية الطفولة والأمومة: قصة صمود وعطاء إنساني من حمص إلى إدلب لدعم المهجرين


هذا الخبر بعنوان "من حمص إلى إدلب.. مؤسسة إنسانية تواصل رسالتها لدعم المهجرين المقيمين بالمخيمات" نشر أولاً على موقع sana.sy وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في ريف إدلب، رسخت مؤسسة "مكتب رعاية الطفولة والأمومة وذوي الاحتياجات الخاصة" حضورها الإنساني البارز، كنموذج لمبادرة سورية انطلقت من حمص بجهود تطوعية خالصة. جاء تأسيس المؤسسة لمواجهة التداعيات القاسية لأعمال القمع والتهجير التي ارتكبها النظام البائد بحق الشعب السوري. منذ عام 2018، كرست المؤسسة جهودها لدعم الأطفال والنساء وذوي الإعاقة والأيتام والمهجرين، مقدمةً حزمة متكاملة من البرامج الإغاثية والتنموية. شملت هذه البرامج المساعدات الغذائية والطبية، والدعم النفسي، بالإضافة إلى مشاريع خدمية وتعليمية، بهدف أساسي هو التخفيف من معاناة النزوح وتعزيز صمود الفئات الأكثر احتياجاً، التي أجبرها النظام البائد على ترك منازلها في مختلف المحافظات السورية والعيش في المخيمات بريف إدلب.
تتحدث مها أيوب، رئيسة المؤسسة، في حديث لوكالة سانا، عن نشأة هذه المبادرة الإنسانية، موضحةً أنها بدأت كفكرة تطوعية عفوية عام 2012 في ريف حمص الشمالي. ضم الفريق الأولي 64 متطوعاً عملوا باستقلالية وتفانٍ كامل. سعت المؤسسة منذ انطلاقتها إلى توسيع نطاق خدماتها لتشمل جميع مناطق سوريا التي كانت محررة من النظام البائد آنذاك، واستمر عملها لست سنوات حافلة بالتحديات والآلام.
تستذكر أيوب ذكريات مؤلمة من تلك الحقبة، حيث تعرضت المؤسسة لحصار خانق وقصف عنيف من قبل النظام البائد، الذي استهدف مكتبها مرتين بشكل مباشر. أسفر هذا الاستهداف عن استشهاد المربية نوال اليوسف عام 2016، التي تُعد أول شهيدة في العمل الإنساني في سوريا، تبعتها المعلمة مريم الدالي في العام ذاته.
بعد أن فرض النظام البائد التهجير القسري إلى إدلب عام 2018، نقلت المؤسسة أنشطتها إلى ريف المحافظة. تؤكد أيوب أن العمل لم يتوقف، بل انطلق مجدداً بجهود 11 متطوعاً ومتطوعة، رغم الصعوبات الإضافية التي فرضتها طبيعة المخيمات والجغرافيا غير المألوفة. كان من أبرز التحديات نقص الدعم المالي لعدم وجود ترخيص رسمي أو حساب بنكي، حيث تقتصر تعاملات الجهات الدولية على الحسابات الرسمية، وهي عقبات تم تجاوزها لاحقاً. وتوضح أيوب أنه بعد تحرير كامل سوريا وسقوط النظام البائد، واصلت المؤسسة رسالتها الإنسانية النبيلة الهادفة إلى تخفيف معاناة المهجرين الذين يعيشون في خيام وبيوت مستأجرة، ويكابدون الفقر والمرض والجوع والبطالة وغلاء الأسعار، ساعيةً لرسم البسمة على وجوههم وتحقيق أحلامهم.
وفقاً لـ أيوب، تركز المؤسسة بشكل كبير على رعاية الأطفال، بتأمين احتياجاتهم الغذائية والتعليمية. كما تولي اهتماماً خاصاً بذوي الإعاقة، الذين يبلغ عددهم نحو 3000 شخص يعانون إعاقات جسدية وعقلية متنوعة. يتم دعمهم بالغذاء واللباس والأدوية، بالإضافة إلى توفير أجهزة مساعدة متقدمة وتقديم جلسات علاج فيزيائي مجانية في مركز متخصص. وتشير أيوب إلى أن المؤسسة ترعى أيضاً 2700 طفل وطفلة من الأيتام النازحين، فضلاً عن الأسر المتعففة والمهجرين المقيمين في الخيام، لتأمين جميع احتياجاتهم الأساسية.
تتطرق أيوب إلى البرامج الدائمة التي تشرف عليها المؤسسة، والتي يستمر بعضها منذ 14 عاماً. من هذه المشاريع الكبرى: الأضاحي، ووجبات إفطار الصائمين، واحتفالات الأعياد التي تتضمن فعاليات خاصة للأطفال الأيتام وسكان المخيمات، بهدف إضفاء أجواء من الفرح والأمل على حياة المتضررين في ظل أصعب الظروف.
وتؤكد أيوب على أهمية ألا يقتصر عمل المنظمات الأهلية على الجانب الإغاثي فحسب. لذا، تساهم المؤسسة بفاعلية في إعادة بناء البنية التحتية الحيوية، من خلال حفر الآبار الجوفية لتأمين المياه النظيفة، وإنشاء شقق سكنية وقرى بيتونية دائمة تهدف إلى نقل الأهالي من خيام النزوح إلى بيوت آمنة. كما تشمل جهودها فرش وتعبيد الطرقات داخل المخيمات، وتنفيذ مشاريع الصرف الصحي، وبناء مدارس حديثة لتعليم الأجيال الجديدة.
وفقاً لـ أيوب، تولي المؤسسة التعليم أهمية قصوى، حيث تكفلت بطلاب الجامعات والمعاهد، ودعمت معاهد تحفيظ القرآن الكريم، وجهزت المساجد والمصليات وحلقات التعلم بأحدث المستلزمات. وفي الجانب الصحي، تنفذ المؤسسة عدة مشاريع حيوية، منها عيادة متخصصة في الأمراض العصبية، ومركز للمعالجة الفيزيائية يقدم خدماته مجاناً للمرضى المهجرين والفقراء والمقيمين في مناطق الشمال السوري.
تشير أيوب إلى أن عمل المؤسسة شهد توسعاً ملحوظاً بعد التحرير. ففي مدينة الرستن، قامت بتأهيل بئر جوفية رئيسية مزودة بمحولة كهربائية لضخ المياه، وأنشأت بئراً ثانية تعمل بالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تطوير بئر رئيسية وبناء جامع الأحمدي. كما جهزت المؤسسة مسجد عمر بن الخطاب في ريف محافظة حماة بالطاقة الشمسية والنوافذ المعزولة والسجاد، وافتتحت معهداً لتحفيظ القرآن الكريم في مدينة الرستن وقرية غرناطة.
حظي الدعم النفسي بمكانة مهمة ضمن أنشطة المؤسسة، حيث نظمت فعاليات ثقافية ومسابقات وألعاب، نُفذت ضمن الإمكانيات المتاحة، بهدف إدخال الفرح وتعزيز الدمج الاجتماعي لذوي الإعاقة.
كما حرصت المؤسسة على تكريم ذوي شهداء الثورة السورية، تأكيداً على رسالتها الثابتة بالوقوف الدائم إلى جانبهم، واعتبار تضحيات الشهداء ديناً في أعناق الجميع، وأن أبناءهم يمثلون أولوية أساسية، مما يسهم في دعم العائلات وترسيخ قيم التضحية والفداء في المجتمع.
في ختام حديثها، وجهت أيوب، باسم المؤسسة، الشكر إلى الأيادي البيضاء التي دعمت الثورة السورية وساندت الأهالي. وأشارت إلى استمرار وجود أعداد كبيرة من المهجرين الذين لا يزالون يعيشون في الخيام، ويحتاجون إلى الماء والخبز والطعام والدواء. مؤكدةً سعي المؤسسة لتحقيق الحلم الكبير المتمثل في الوصول إلى "صفر خيمة"، لتكون بذلك نموذجاً حياً للعطاء السوري الأصيل.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي