الصومال يشهد تحولاً ديمقراطياً تاريخياً: أول انتخابات بلدية مباشرة منذ ستة عقود تعيد تشكيل المشهد السياسي


هذا الخبر بعنوان "بعد ستة عقود.. الانتخابات البلدية تعيد رسم المشهد السياسي في الصومال" نشر أولاً على موقع sana.sy وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
شهدت العاصمة الصومالية مقديشو أمس تحولاً سياسياً بارزاً مع انطلاق أول انتخابات بلدية مباشرة منذ ما يقرب من ستة عقود. هذه الخطوة، التي وُصفت بأنها محطة تاريخية في مسار التحول الديمقراطي للبلاد، جرت وسط مشاركة شعبية واسعة وتدابير أمنية مشددة.
كانت الانتخابات المباشرة قد أُلغيت في الصومال بعد وصول الرئيس الأسبق محمد سياد بري إلى السلطة عام 1969، ليتم استبدالها بآلية تقوم على المحاصصة القبلية. ومنذ سقوط نظام بري في عام 1991، ظل اختيار المسؤولين المحليين والبرلمانيين يتم عبر مفاوضات بين شيوخ العشائر، وهو ما أثار انتقادات واسعة لكونه نظاماً غير شامل.
أعلنت "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود" في الصومال أن عمليات التصويت جرت في 16 مديرية بإقليم بنادر. تنافس أكثر من 1600 مرشح على 390 مقعداً في المجالس المحلية، وذلك ضمن تطبيق نظام "شخص واحد، صوت واحد"، بعد عقود من الاعتماد على التصويت غير المباشر القائم على المحاصصة القبلية. بلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 919 ألفاً، فيما تسلم بطاقة الاقتراع قرابة 504 آلاف ناخب.
في خطاب مسجل نُشر على حساب القصر الرئاسي في موقع فيسبوك، أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن الانتخابات البلدية تمثل "فرصة تاريخية لإعادة السلطة إلى الشعب". وأشار إلى أن هذا الاستحقاق يعكس تحسناً واضحاً في الوضع الأمني بالعاصمة، ويُعد خطوة أساسية نحو ترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد.
وشدد الرئيس محمود على أن "اعتماد نظام الاقتراع المباشر يهدف إلى تجاوز الصفقات السياسية وآليات المحاصصة التي حكمت العملية الانتخابية لعقود"، داعياً المواطنين إلى المشاركة الواسعة وحماية هذا المسار الوطني.
من جانبه، أشاد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري بالإقبال الشعبي على مراكز الاقتراع، معتبراً أنه يعكس التزام المواطنين بالمسار الديمقراطي. وأكد أن الانتخابات تعيد للمواطنين حقهم الأصيل في اختيار ممثليهم، وتمهد لتعزيز الحكم المحلي وتحسين مستوى الخدمات.
بدوره، أوضح محافظ إقليم بنادر وعمدة مدينة مقديشو حسن حسين مونغاب أن هذه الانتخابات تشكل خطوة حقيقية نحو إعادة السلطة إلى الشعب. وأكد أن الإقبال الشعبي الواسع يعكس رفض العودة إلى نظام الانتخابات غير المباشرة، ويمهد لبناء دولة قوية تقوم على السلام والتنمية والاستقرار.
في سياق متصل، أعلن وزير الأمن الداخلي الصومالي عبد الله شيخ إسماعيل عن نشر أكثر من 10 آلاف عنصر من القوات الأمنية في مقديشو لتأمين عملية الاقتراع. وأشار إلى أن هذه التدابير الأمنية المشددة جاءت في ظل حماس كبير من المواطنين للمشاركة في هذه الفرصة التاريخية.
شهدت الانتخابات إقبالاً شعبياً واسعاً، ما يعكس رغبة جادة في المشاركة الفعلية بعد عقود من الحرمان من التصويت المباشر. أعرب العديد من المواطنين عن شعورهم بتحقيق "حلم تاريخي"، خاصة بعد مرور أكثر من نصف قرن على آخر انتخابات مباشرة.
في ردود الفعل الإقليمية، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بتنظيم الانتخابات، واصفاً إياها بأنها خطوة مهمة وإيجابية تعزز المواطنة والشرعية الدستورية وتدعم السلم الأهلي والتنمية.
كما رحّبت بعثة الاتحاد الإفريقي للدعم والاستقرار في الصومال بإجراء انتخابات المجالس المحلية في إقليم بنادر، ووصفتها في بيان لها بأنها محطة تاريخية في مسار التحول الأمني والديمقراطي وبناء الدولة، مشيرة إلى أنها جرت بصورة سلمية ومنظمة بعد عقود من غياب الاقتراع المباشر.
من جهة أخرى، أعلنت تيارات سياسية مقاطعتها للانتخابات، معتبرة أن إجرائها دون توافق وطني شامل قد يؤدي إلى تعميق الانقسام السياسي ويقوض الاستقرار.
يرى مراقبون أن الانتخابات البلدية في مقديشو تمثل تجربة مفصلية في مسار الانتقال السياسي في الصومال، ومحطة حاسمة تسبق الاستحقاقات البرلمانية والرئاسية المقررة عام 2026، والانتقال إلى نموذج ديمقراطي مستدام.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة