معمل غاز حيان: شراكة سورية-كرواتية تعيد الأمل لمنشأة الطاقة الاستراتيجية بعد الدمار


هذا الخبر بعنوان "معمل غاز حيان: من الرماد إلى الأمل.. شراكة سورية-كرواتية لإعادة الحياة لمنشأة الطاقة المدمرة" نشر أولاً على موقع zamanalwsl وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في قلب ريف حمص الشرقي، حيث لا تزال آثار الدمار شاهدة، بدأت ملامح الحياة تعود تدريجياً إلى واحدة من أبرز منشآت الطاقة السورية. هذه المنشأة، التي حولها تنظيم "داعش" قبل سنوات إلى ركام محترق، هي معمل غاز حيان، الذي يتحول اليوم من رمز للتدمير الممنهج إلى قصة نجاح في التعافي بفضل شراكة تقنية دولية.
دُشن المعمل عام 2011 بتكلفة بلغت 300 مليون يورو، كثمرة لشراكة استراتيجية بين المؤسسة العامة للنفط السورية وشركة "إينا" الكرواتية. كان المعمل يتمتع بطاقة إنتاجية هائلة تصل إلى 3 ملايين متر مكعب من الغاز الجاف يومياً و180 طناً من غاز البترول المسال، مما جعله دعامة أساسية في منظومة الطاقة الوطنية. إلا أن هذا الصرح الحيوي أصبح هدفاً استراتيجياً خلال سنوات الحرب، ففي عام 2017، نفذ تنظيم "داعش" عملية تفجير شاملة ودقيقة، حيث زرع عبوات ناسفة في قلب الوحدات الحيوية للمعمل، ثم فجرها عن بعد، موثقاً العملية إعلامياً ضمن ما أسماه "حرب الاقتصاد".
يصف الخبير النفطي المهندس أحمد المراد حجم التحدي قائلاً: "التدمير الذي تعرض له المعمل لم يكن عشوائياً، بل كان موجهاً بدقة نحو الوحدات الحيوية التي يصعب إصلاحها. والأصعب من ذلك أن بعض المعدات كانت تعتمد على تقنيات أمريكية، مما أضاف تحدياً كبيراً في ظل العقوبات الدولية المفروضة". وقد واجهت المحاولات السابقة لإعادة التأهيل عقبات جسيمة، أبرزها شمولية الدمار وتعقيد التقنيات المستخدمة، بالإضافة إلى صعوبة تأمين قطع الغيار للمعدات المتطورة في ظل الظروف الراهنة.
اليوم، تقود الشركة السورية للبترول، برئاسة المهندس يوسف قبلاوي، مساراً عملياً لإعادة الإحياء عبر مفاوضات مكثفة مع الشريك التقني القديم، شركة "إينا" الكرواتية. يشرح قبلاوي في لقاء سابق له: "تمتلك الشركة الكرواتية المعرفة الهندسية الفريدة بالمخططات والتصاميم الأصلية للمعمل. نحن نعمل معهم على تطوير حلول بديلة للتغلب على مشكلة المعدات الأمريكية المتضررة، وبعضها أصبح قديماً ولم يعد متوفراً في الأسواق العالمية".
تعتمد الخطة الفنية لإعادة التأهيل على أربع مراحل أساسية ومدروسة: أولاً، تشخيص الواقع الفني لتقييم دقيق لحجم الدمار وإمكانية الإصلاح. ثانياً، تحديد الأولويات الحيوية للبدء بإصلاح الوحدات الأكثر أهمية لضمان الحد الأدنى من الإنتاج. ثالثاً، إيجاد البدائل التقنية للمعدات التي تعذر إصلاحها أو تأمينها. وأخيراً، العودة التدريجية للطاقة الإنتاجية الكاملة للمعمل.
على الرغم من التحديات الكبيرة، يرى مراقبون أن هذا المشروع يحمل إمكانيات واعدة. تؤكد الدكتورة لمياء الحسن، الخبيرة الاقتصادية: "إعادة تأهيل معمل حيان ليست مجرد إصلاح لمنشأة، بل هي استثمار استراتيجي في استقرار القطاع الكهربائي وتقليل فاتورة استيراد المحروقات. إن نجاح هذا المشروع سيكون نموذجاً يحتذى به في جهود إعادة إعمار القطاعات الاستراتيجية الأخرى".
يتجاوز مشروع إعادة تأهيل معمل غاز حيان الجانب التقني ليرمز إلى مرحلة جديدة في مسار التعافي الاقتصادي السوري. إنه يمثل اختباراً لقدرات إعادة الإعمار، ونموذجاً للشراكات التقنية الدولية في مرحلة ما بعد الثورة، واستثماراً حيوياً في الأمن الطاقي الوطني. ومع استمرار جهود الإحياء، يبقى معمل حيان شاهداً على قدرة التحدي، وحلقة مهمة في مسار طويل لإعادة بناء ما دمرته الحرب، حيث تتلاقى إرادة الإعمار مع الشراكة الدولية لكتابة فصل جديد في تاريخ الطاقة السورية. (زمان الوصل)
اقتصاد
سياسة
اقتصاد
سياسة